الثالث : مذهب الأئمة ـ عليهمالسلام ـ أنه إن فارق الماء حيا بأن يجزر عنه الماء أو يأخذه الصائد ثم يموت حل ، وادعوا في هذا الإجماع ، وعموم الآية يدل عليه ، وهي قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ).
وأما إذا مات طافيا فإنه يحرم ، ويخص ذلك بحديث جابر قال : قال رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما اصطدتموه حيا فمات فكلوه ، وما وجدتموه طافيا فلا تأكلوه».
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما ألقى البحر أو جزر عنه فكله ، وما وجدته طافيا فلا تأكله».
قال في سنن أبي داود : هذا الحديث موقوف على جابر ، وقد أسند هذا أيضا من وجه ضعيف ، واحتج الشافعي بالحديث المسند من طرق في كتاب مسلم ، (أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث جيشا إلى الساحل ليتلقى عيرا لقريش ، وأمر على ذلك الجيش أبا عبيدة ، فلما قل زادهم وأصابتهم المجاعة ، فوقع لهم على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هي دابة تدعا بالعنبر.
قال أبو عبيدة : ميتة ، قال فقال : قد اضطررتم فكلوا ، قال : فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا ، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ، ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا وأقعدهم في وقب عينه ، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ، ثم رحّل (١) أعظم بعير معنا فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق (٢) ، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكرنا ذلك له فقال : «هو رزق أخرجه الله لكم ، فهل معك من لحمه شيء فتطعمونا؟» قال : فأرسلنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منه فأكله.
__________________
(١) رحّل أي : شد عليه الرحل.
(٢) الوشيقة : اللحم يغلى قليلا ثم يقدد.