المجلس ، فقال : أين أبي؟ فقال : «في النار» وقيل : كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم امتحانا واستهزاء ، فيقول بعضهم : من أمي؟ ويقول بعضهم : أين أبي؟ ويقول آخر : ضلت ناقتي فأين هي؟ فنزلت.
وقيل : سألوه عن البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، وقيل : سألوه بمشاورة اليهود (١) ، فنزلت ، ولهذا قال بعد ذلك : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) عن مجاهد.
وفي الكشاف أن سراقة بن مالك ، أو عكاشة (٢) بن محصن قال : يا رسول الله الحج علينا كل عام؟ فأعرض عنه رسول الله حتى أعاد مسألته ثلاث مرات؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ويحك ما يؤمنك أن أقول : نعم ، والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم (٣) لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم لكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه».
المعني بقوله تعالى : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) صفة تلك الأشياء (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) وذلك وقت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنه وقت الوحي (تُبْدَ لَكُمْ) تلك التكاليف الشاقة التي تسوؤكم وتؤمرون بتحملها ، فتعرّضون نفوسكم لسخط الله بالتفريط (عَفَا اللهُ عَنْها) يعني : عما سلف ، أي : عن مسألتكم.
وقوله تعالى : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ).
__________________
(١) أي : بعد أن شاوروا اليهود.
(٢) عكاشة : بتشديد الكاف وتخفيفها ، والتثقيل أكثر ، ذكره في جامع الأصول.
(٣) أي : مستحلين.