قال جار الله (١) ـ رحمهالله ـ : ومن حق ذي البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيفما كان ، لما يرى في الآية من التشديد العظيم ، وذلك قوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وقوله : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وقوله : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ).
قال المؤيد بالله : ولو تقدمت التسمية بوقت يسير ، أو كلام يسير فلا بأس.
وقوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) أي : عرض لكم في ترك أكل ما ذكر عليه اسم الله ، وهذا أيضا تأكيد لشرط التسمية ، وفيه ما تقدم ، وقوله تعالى : (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ) قرئ فصل ـ بفتح الفاء والصاد ـ أي : الله تعالى ، وهو ما ذكر في سورة المائدة وهو : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ) وقيل : المائدة نزلت بعد الأنعام بمدة ، فلا يردّ ذلك إلى ما ذكر فيها ، لكن يقال : فصل على لسان الرسول ، ثم نزلت بعد ذلك في القرآن ، وقيل : أراد فصله في عدة السور ، في الأنعام مثل قوله : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) الآية ، وفي غيرها ، وقرئ : فصل ـ بضم الفاء وكسر الصاد ـ على ما لم يسمى فاعله ، أي : بيّن ، والصاد مشددة في أكثر القراءات ، وفي قراءة عطية فصل ـ بتخفيف الصاد ـ أي : جزم ، وقطع الحكم به ، وقرئ : ليضلون ـ بفتح الياء ـ ويضلون ـ بضم الياء ـ أي : يضلون غيرهم ، وفي ذلك دلالة على تحريم الحكم والفتوى بغير دلالة ، ولكن اتباع الهوى.
وقوله تعالى : (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) وذلك أكل الميتة والدم ، ولحم الخنزير عند ضرورة الجوع ، والخوف على النفس.
__________________
(١) الكشاف : ٢ / ٤٨.