النزول
قال الأصم : أجمع المفسرون أنها نزلت يوم بدر ؛ لأنه لم يكن لهم فئة ، وقيل : نزلت فيه وفي غيره.
وقوله تعالى : (إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً).
قال جار الله ـ رحمهالله ـ : هو حال من الذين كفروا ، والزحف الجيش الدهم ، يعني : العدد الكثير الذي يرى لكثرته كأنه يزحف ، أي : يدب دبيبا ، ومنه : زحف الصبي ؛ إذا دب على استه قليلا قليلا ، والمعنى : إذا لقيتموهم للقتال وهم جمع كثير فلا تنفروا فضلا أن تقاربوهم في العدد ، أو حال من الفريقين أي : متزاحفين أنتم وهم ، أو حال من المؤمنين (١).
ثمرة الآية : تحريم الفرار ووجوب المصابرة ، وأن التولي والإدبار من الكبائر ؛ لأنه تعالى توعد عليه ، إلا أن يكون لأحد أمرين :
الأول : التحرف للقتال ، وهو الكر بعد الفر ، وذلك أن يخيل لعدوه أنه يفر ، ثم يعطف عليه ، وهو باب من خدع الحرب ، ومنه الحديث عنه عليهالسلام : «الحرب خدعة».
الثاني : أن يتحيز إلى فئة ، وهي جماعة أخرى من المسلمين ، سوى الفئة التي هو فيها ينحاز إليهم لينصروه ، ويعودوا معه للقتال ، وقيل : الإمام وجماعة من المسلمين.
__________________
(١) ولفظ الكشاف (زَحْفاً) حال من الذين كفروا. والزحف : الجيش الدهم الذي يرى لكثرته كأنه يزحف ، أي يدب دبيبا ، من زحف الصبي إذا دبّ على استه قليلا قليلا ، سمي بالمصدر والجمع زحوف والمعنى : إذا لقيتموهم للقتال وهم كثير جم وأنتم قليل فلا تفرّوا ، فضلا أن تدانوهم في العدد أو تساووهم ، أو حال من الفريقين. أي إذا لقيتموهم متزاحفين هم وأنتم ، أو حال من المؤمنين).