قال في الروضة والغدير : وإن كان التقنع بالأدون هو الأولى ، كما فعله علي عليهالسلام ـ وغيره من الفضلاء ، فقد روي أن عليا عليهالسلام ـ كان يطعم الناس أطيب الطعام ، فرأى بعض أصحابه طعامه ، وهو خبز شعير غير منخول ، وملح جريش ، وهو مختوم عليه ، وختمه عليهالسلام ـ لئلا يبدل.
ومن كلامه عليهالسلام : والله لا أروضن نفسي رياضة تهش إلى القرص إن وجدته مطعوما ، وإلى الملح إن وجدته مأدوما.
ولما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في كراهته لإدامين مجتمعين.
الثانية : تتعلق بقوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) اختلف العلماء من الأئمة والفقهاء ما أريد بالطعام ، فقال القاسم ، والهادي ، والناصر ، ومحمد بن عبد الله ، ورواية عن زيد بن علي : إن ذبائح أهل الكتاب ، وجميع الكفار لا تجوز ؛ لقوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) [المائدة : ٣] وهذا خطاب للمسلمين ، والرواية الثانية عن زيد بن علي ، وعامة الفقهاء من أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، وجعفر الصادق ، والإمامية ، واختاره الأمير الحسين ، والإمام يحيى : جواز ذبائح أهل الكتاب ، ويفسرون الطعام بالذبائح وغيرها ، وهذا مروي عن الحسن ، والزهري ، والشعبي ، وعطاء ، وقتادة ، وأكثر المفسرين ، وأخذوا بالعموم في إطلاق الطعام ، فأجاب الأولون بأن الطعام يطلق على الحبوب ، يقال : سوق الطعام.
قال القاضي : الأقرب الحل ؛ لأن ذلك بفعلهم يصير طعاما ؛ ولأنه خص أهل الكتاب.
أجيب : بأنه خصهم لئلا يظن أن طعامهم الذي لم يزكوه محرم ، ثم إن الهادي ـ عليهالسلام ـ والقاسم : تنجيس رطوباتهم لقوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة : ٢٨] فيحرم ما حصل فيه رطوبتهم إلا ما أخذناه