فصل
من النهاية : أما إذا ذبح أهل الذمة لأعيادهم وكنائسهم ، فكرهه مالك ، وأباحه ابن أشهب ، وحرمه الشافعي ، وذلك لتعارض عموم قوله تعالى : (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وعموم قوله تعالى : (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) فتخصيص كل واحد للآخر محتمل.
وأما إذا كانت الذبيحة محرمة عليهم فاختلف أصحاب مالك ، فمنهم من حرم ومنهم من أباح ومنهم من قال : إن حرمت بالتوراة لم تحل لنا ، وإن حرموها على أنفسهم حلت ؛ لأن في التوراة تحريم كل ذي ظفر ، والشحوم من النعم وهو ما على الكلى ، والثروب وهو : ما يتغشى الكرش ، ذكره في الضياء والصحاح.
قال : والجمهور على تحريم ذبيحة المرتد ، وأجازها إسحاق ، وكرهها الثوري وسبب الخلاف هل المرتد يتناوله اسم الكتابي أم لا؟.
قال : وهكذا نشأ الخلاف في ذبائح بني تغلب هل اسم أهل الكتاب يتناول المتنصر والمتهود من العرب كما روي عن ابن عباس ، أو لا يتناول كما روي عن علي ، وأحد قولي الشافعي : أنه لا يتناول إلا من تهود من بني إسرائيل ، وتنصر من الروم ، وقد قال الإمام يحيى بن حمزة في يهود اليمن : إنهم من العرب ، تهودوا ، فلا تنكح نساؤهم على قول من جوز نكاحهم.
وهكذا قال في الشفاء ، ومهذب الشافعي : إن الجواز كان قبل التبديل عند من جوزه ، وقوله تعالى : (وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) قال ابن عباس ، وأبو الدرداء ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، وإبراهيم ، والسدي ، وأكثر المفسرين ، والفقهاء : المراد ذبائح المسلمين ، وقيل : أراد جواز الهبة منهم عن الأصم.
الثالثة : تعلق بقوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ