قلنا : اسم الشرك يطلق على أهل الكتاب ؛ بدليل قوله تعالى بعد ذكر اليهود والنصارى في قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة : ٣١] وعن ابن عمر : لا أعلم شركا أعظم من قول النصارى : إن ربها عيسى.
وعن عطاء : قد كثر الله المسلمات ، وإنما رخص الله لهم يومئذ.
قالوا : إنه تعالى عطف أحدهما على الآخر ، فدل أنهما غيران ، حيث قال تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) [البينة : ١].
قلنا : هذا كقوله تعالى : (الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) [البقرة : ١٨٠].
قالوا : الآية مصرحة بالجواز في قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ).
قلنا : قوله تعالى في سورة الممتحنة : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا) [الممتحنة : ١٠] وقوله تعالى في سورة النور : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) [النور : ٢٦] وقوله تعالى في سورة النساء : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) [النساء : ٢٥] فشرط الإيمان في هذا يقضي بالتحريم فتأول هذه الآية بأنه أراد المحصنات من أهل الكتاب الذين قد أسلموا لأنهم كانوا يكرهون ذلك ، فسماهم باسم ما كانوا عليه ، وقد ورد مثل هذا في كتاب الله تعالى ، قال الله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة : ١٢١] وقوله تعالى : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) [البقرة : ١٤٦](١) وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ
__________________
(١) في الاحتجاج بهذه الآية نظر ؛ لأنها نزلت في ذم أهل الكتاب الذين يعرفونه ولا يؤمنون به ، يعني : محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم.