فقال : أنت عبد الله بن عبد الله الحباب اسم شيطان ، يعني اسم الحية ؛ لأنه يقال لها : شيطان ، فلما همّ بالصلاة قال له عمر : تصلي على عدو الله ، فنزلت.
وقيل : أراد أن يصلي عليه فجذبه جبريل.
فقال جار الله ـ رحمهالله ـ : فإن قلت : كيف جازت له تكرمة المنافق وتكفينه في قميصه؟ وأجاب بأن في ذلك وجوها : منها أن ذلك كان مكافأة له على صنيع سبق ، وذلك لأن العباس لما أخذ أسيرا يوم بدر لم يجدوا له قميصا ، وكان رجلا طوالا فكساه عبد الله قميصه فقال له المشركون يوم الحديبية : إنا لا نأذن لمحمد ولكن نأذن لك ، وقال : لا ، إن لي في رسول الله أسوة حسنة ، فشكر رسول الله له ذلك.
ومنها : إجابة له إلى مسألته ، فقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يرد سائلا ، وكان يتوقر على دواعي الخير والمروءة ، ويأمر بعادات الكرام.
ومنها : أن ذلك إكراما لابنه الرجل الصالح ، فقد روي أنه قال له : أسألك أن تكفنه في بعض قمصانك ، وأن تقوم على قبره ، لا تشمت به الأعداء ، وعلما بان تكفينه لا ينفعه مع كفره.
ومنها : أن إلباسه له لطف لغيره ، وقد روي أنه قيل له : لم وجهت إليه بقميصك وهو كافر ، فقال : «إن قميصي لن يغني عنه شيئا من الله ، وإني آمل من الله أن يدخل في الإسلام كثير بهذا السبب».
فيروى أنه أسلم ألف من الخزرج لما رأوه طلب الاستشفاء بثوب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولأن في ترحمه واستغفاره دعاء إلى التراحم والتعاطف ؛ لأنهم إذا رأوه يترحم على من يظهر الإيمان دعا ذلك المسلم إلى أن يتعطف على من واطى قبله لسانه ، ورآه حتما عليه.