اختلف ما أراد بالعقود ، فقيل : هي أوامر الله تعالى ونواهيه ، ويدخل في ذلك النذر واليمين ويكون هذا عاما إلا بمخصص نحو أن يرى أن الحنث أفضل ، فقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير» وكذلك إذا نذر بجميع ماله ، فالهادي ـ عليهالسلام ـ خصص خروج الكل بخبر البيضة ، وبأنه غير قربة (١) ، والمؤيد بالله ومن معه بقوا ذلك على العموم.
وكذلك إذا خرج النذر مخرج اليمين ، فإن في ذلك الخلاف المعروف فمن أوجب الوفاء أخذ بالعموم ، ومن جوز الكفارة خصصه بالخبر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من نذر نذرا سماه فهو بالخيار إن شاء وفى به ، وإن شاء كفّر كفارة يمين» وقيل : أراد بذلك الإيمان ، وما يتعاهد فيه الناس ، فيدخل عقد الذمة للكفار ، ولا خلاف في لزوم الوفاء بها ، وقد ذكر القاضي جعفر : أن الوفاء بها معلوم بالضرورة من دينه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فمن استحل نقضها كفر ، ومن نقضها غير مستحل فسق ، وقيل : أراد بالعقود ما يتعاقده الناس فيما بينهم من الأنكحة والبياعات ، والإجارات ، وقيل : إن ذلك عام في الجميع ، وصححه الحاكم.
الثانية : إباحة بهيمة الأنعام ، وذلك لقوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ). وهل الإباحة لها مشروطة بالوفاء بالعقود أم لا؟
فحكى أبو علي عن قوم : أن الإباحة مشروطة بالوفاء بالعقود ، وصحح خلاف ذكر ذلك ، وأن التقدير : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ). ويا أيّها الّذين آمنوا (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ).
وهل الدلالة على المباح منها مجملة أو مبينة؟ فقال أبو الحسين : إنها مجملة ؛ لأنه لم يذكر ما علق به التحليل والتحريم ، وصحح أنها
__________________
(١) المذهب لا يشترط القربة ، وإنما الشرط أن لا يكون معصية.