يوم القيامة من غير أن ينقص من وزرهم شيء» فيكون عقاب القاتل المسبب كعقاب ما فعل وما حصل بسبب فعله ، وكذلك ثواب الفاعل يثاب على الفعل وعلى ما حصل بسبب فعله ، ولهذا صور كثيرة :
منها : ثواب الوالد ، والواقف ، والعالم ، على أثر ما فعل ، ويكون نظيرا لما قيل في قوله تعالى : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) ومطابقا للحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم ينتفع به ، وولد صالح يدعو له» وهذا معنى الحديث.
ويأتي مثل هذا : إذا أوصى بوصية أثيب على الوصية ، وعلى فعل الغير ؛ لأنه سبب وصيته ، ولو لم يمتثل الموصي إليه أثيب على إيصائه فقط ، ولا تقل : أثيب على فعل غيره.
ومن هذا السّلام الابتداء ثوابه أكثر من ثواب الرد ، وإن كان الابتداء سنة ، والرد واجب (١) ؛ لما كان المبتدئ سببا للرد ، وللسيد الأفضل حمزة بن القاسم :
وما سنة أربى على الفرض فضلها |
|
إذا ما هناك العاملون تفاضلوا |
فقل من بدانا بالسلام ففرضنا |
|
تحيته والبدؤ للرد فاضل |
فهذا وجه ذلك ، لا أنه يجب عليه دية الناس.
قال الحاكم : وقد قال مشايخنا : إن المعصية تعظم لوجهين :
أحدهما : ما يقارنها.
والثاني : ما يحصل في المستقبل من التأسي ، وكذا الطاعة ، وقيل : إن عليه إثم كل قاتل عن أبي علي : لأنه سن القتل ، فالمعنى : فكأنما قتل الناس جميعا ، يعني : من قتل الناس بغير حق.
__________________
(١) رفع (واجب) على أن الواو للحال لا للعطف ، والرد مبتدأ وواجب خبره ، ولم يعطفه على اسم إن وخبرها.