الأوّل وهو أحد قولي الشافعي (١) لأنّه قبض مال غيره لمنفعة نفسه منفرداً بها فكان عاريةً ، كما لو استعاره للخدمة. ولأنّ الضمان يثبت في الذمّة ، وهنا يثبت في رقبة العبد.
وأصحّهما : أنّ سبيله سبيل الضمان ، ومعناه أنّ سيّد العبد ضمّن دَيْن الغير في رقبة ماله ، كما لو أذن لعبده في ضمان دَيْن غيره ، يصحّ ، وتكون ذمّته فارغةً ، وكما ملك أن يلزم ذمّته دَيْن الغير وجب أن يملك إلزامه عين ماله ؛ لأنّ كل واحد منهما محلّ حقّه وتصرّفه (٢).
ولأنّ منفعة العبد لسيّده ، والعارية ما أفادت المنفعة ، وإنّما حصلت المنفعة للراهن لكونه وثيقةً عنه ، فهو بمنزلة الضمان في ذمّته.
لأنّ الحق المتعلّق بالذمّة ينبغي أن يتعلّق مثله بالرقبة ، كالملك.
ثمّ أجابوا عن الأوّل بأنّ المقبوض للخدمة منفعة للمستعير ، بخلاف مسألتنا (٣).
وليس بجيّد ؛ لأنّ الضمان عقد مستقلّ بنفسه يتضمّن التعهّدَ بدَيْن الغير ، وانتقالَه من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، ولم يوجد هنا ، فلم يكن ضماناً.
وقال بعض الشافعيّة : إنّ هذا فيما يدور بين الراهن والمرتهن رهنٌ محض ، وفيما بين المعبر والمستعير عارية ، وفيما بين المعير والمرتهن حكم الضمان أغلب ، فيرجع فيه ما دام في يد الراهن ، ولا يرجع بعد القبض على الأصحّ عندهم ؛ لأنّه ضمن له الدَّيْن في عين ملكه ، ويقدر على إجبار الراهن على فكّه بأداء الدَّيْن ؛ لأنّه معير (٤) في حقّه إن كان الدَّيْن
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩٣.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٥٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٩٣.
(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٤) في النسخ الخطية والحجرية : « معير ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.