ولأنّه وثيقة بالدَّيْن فلا يضمن ، كالزيادة على قدر الدَّيْن ، وكالكفيل والشاهد. ولأنّه مقبوض بعقدٍ واحد بعضه أمانة فكان جميعه أمانةً ، كالوديعة. ولأنّ الرهن شرّع وثقةً للدَّين ، فهلاك محلّه لا يُسقط (١) ، كموت الكفيل.
وروى عن شريح والنخعي والحسن البصري أنّ الرهن يُضمن بجميع الدَّيْن وإن كان أكثر من قيمته ؛ لأنّه روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « الراهن بما فيه » (٢) (٣).
وهو محمول على التعدّي.
وقال مالك : إن كان تلفه بأمرٍ ظاهر كالموت والحريق فمن ضمان الراهن. وإن ادّعى تلفه بأمرٍ خفيّ ، لم يُقبل قوله ، وضمن (٤).
ويبطل بأنّ ما لا يضمن به العقار لا يضمن به الذهب.
ونقل عنه أيضاً أن ما يظهر هلاكه كالحيوان والعقار والأشجار أمانة ، وما يخفى هلاكه كالنقود والعروض مضمون بالدَّيْن ؛ لأنّه متّهم فيه (٥).
وقال الثوري وأصحاب الرأي : يضمنه المرتهن بأقلّ الأمرين من
__________________
(١) أي : لا يُسقط الدَّيْن. ولعلّها : « لا يُسقطه ».
(٢) المراسيل لأبي داوُد ـ : ١٣٥ / ٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٣٢ / ١٢٤ ، سنن البيهقي ٦ : ٤٠.
(٣) المغني ٤ : ٤٧٨ ٤٧٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٤ ٤٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٩ ، المبسوط للسرخسي ٢١ : ٦٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٦٠ ، النتف ٢ : ٦٠٨ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ : ٥٢٧.
(٤) الحاوي الكبير ٦ : ٢٥٥ ، المغني ٤ : ٤٧٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٤٥.
(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ٤١٢ ٤١٣ ، حلية العلماء ٤ : ٤٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٥٠٨.