منها بعيدة إلّا أن يقال : ظاهر الأمر الوجوب ، فمقتضى الآية وجوب النظافة مطلقا خرج منه غير الطهارة الشرعيّة لعدم وجوبها إجماعا فيبقى الوجوب مخصوصا بها. فتأمّل.
(الرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (١) ، أى خصّ الرجز بوجوب الهجر ويكون الحصر إضافيّا ويحتمل أن يكون التقديم لا للحصر بل لوجه آخر ، والرجز إمّا الصنم والمراد الثبات على هجره فإنّه صلىاللهعليهوآله كان بريئا منه لم يزل ولا يزال أو المراد كسره وإهانته مهما أمكن ، ويجوز أن يكون الخطاب عامّا للنبيّ صلىاللهعليهوآله ولجميع أمّته ، واكتفى بذكره كما يكتفى في الأوامر بالرؤساء عن جميع الرعيّة : أي لا تعبدوا الأصنام بل لا تعظّموها واهجروها وإمّا العذاب والمراد وجوب الاجتناب عن موجبه وما يؤدّى إليه كالشرك وعبادة الأصنام وغيرها من المآثم والمعاصي. وقيل : إنّه بالضمّ الصنم ، وبالكسر العذاب. قال في القاموس : الرجز بالكسر والضمّ القذر ، وعبادة الأوثان والعذاب أو الشرك ، وعلى الأوّل يكون مناسبا لقوله : وثيابك فطهّر : أي طهّرها للصلاة واجتنب عبادة الأوثان ويناسبه قوله : وربّك فكبّر بناء على أنّ المراد بها تكبير الصلاة كما سيجيء. وقيل : معناه جانب الفعل القبيح والخلق الذميم. وقيل : معناه اخرج حبّ الدنيا من قلبك لأنّه رأس كلّ خطيئة كما ورد في الحديث (٢).
__________________
(١) قرء عاصم في رواية حفص عنه والرجز في هذه الآية بالضم ، وفي سائر القرآن بكسر الراء ، وقرأ الباقون من السبعة وعاصم في رواية أبي بكر بالكسر ، وقرأ أبو جعفر ويعقوب وسهل وابن محيصن والحسن ومجاهد وعكرمة بالضم ، والظاهر أنهما بمعنى واحد كالذكر والذكر.
(٢) حديث حب الدنيا رأس كل خطيئة أخرجه السيوطي في الجامع الصغير بالرقم ٣٦٦٢ ص ٣٦٨ ج ٣ فيض القدير عن البيهقي في شعب الايمان عن الحسن مرسلا ، وجعل عليه رمز الضعف ، وعن البيهقي نفسه أنه لا أصل للحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وقيل : إنه من كلام الحكماء ، وعن ابن تيمية أنه من قول : جندب البجلي ، وعن ابن أبى الدنيا أنه من كلام مالك بن دينار ، وعن أبى نعيم في ترجمة سفيان أنه من كلام عيسى ، وعن الديلمي أنه من كلام على عليهالسلام.