وقيل : إنّها الصبح وهو قول الشافعي لأنّها بين صلوتى الليل والنهار ، وبين الظلام والضياء ، ولأنّها صلاة لا تجمع مع غيرها فهي مفردة بين مجتمعين.
وقيل : إنّها أحد الصلوات لم يعيّنها الله تعالى أو أخفاها في جملة الصلوات المكتوبة كما أخفى ليلة القدر مع ليالي شهر رمضان ، واسمه الأعظم في جميع الأسماء ، وساعة الإجابة في ساعات الجمعة ، والغرض من الاهتمام بالجميع ليحصل إدراك المطلوب في ضمنه ، وفي هذا إشارة إلى أنّ العمل المخصوص بوقت يجوز إيقاعه في كلّ وقت يحتمل أنّه ذلك الوقت إذا وقع الاشتباه فيه ، وإن لم يجزم به ، وقد وردت الرواية بذلك أيضا في عمل ليلة القدر ، وعمل العيد ، وعمل رجب مع عدم ثبوت الهلال ، وقد يستنبط من ذلك أنّ الجزم في النيّة إنّما يشترط بحسب الممكن ، واحتجّت الشافعيّة على الحنفيّة بالآية على عدم وجوب الوتر قالوا : لو كانت واجبة لكانت الصلوات ستّا فلم يبق لها وسطى ، وأجيب بأنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان المراد الوسطى في العدد لكنّه يحتمل أن يكون المراد الوسطى في الفضيلة (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) أو الوسطى في القدر كالمغرب فإنّها ثلاث ركعات فتوسّط بين الاثنتين والأربعة أو الوسطى في الصفة كصلاة الصبح تتوسّط بين صفتي الظلام والضياء ، والحقّ أنّ هذه الوجوه بعيدة عن ظاهر الآية ، وإنّما ظاهرها الوسطى في العدد فيتمّ قول الشافعي على نفي وجوب الوتر.
(وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أي ذاكرين الله في قيامكم ، والقنوت أن يذكر الله قائما كذا في الكشّاف ثمّ قال : وعن عكرمة كانوا يتكلّمون في الصلاة فنهوا عن ذلك رواه زيد بن أرقم وعبد الله بن مسعود كنّا نتكلّم في الصلاة تكلّم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه حتّى نزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
وقيل : هو الذكر وكفّ الأيدي والبصر.
وقيل : معناه طائعين.
وقيل : خاشعين.
وقيل : داعين.
والقنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام ، وهذا القول رواه مفسّرو أصحابنا