عن السيّدين أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام ، وهو قول ابن عبّاس أيضا وحينئذ فتحمل الآية عليه غير أنّ أصحابنا لم يشترطوا الدعاء في القنوت فإنّهم يجعلون أفضله كلمات الفرج ، وليس فيها دعاء. فتأمّل إلّا أن يراد بالدعاء لما يشمل الذكر ، والظاهر ذلك. فلا إشكال.
واستدلّ بعضهم بها على وجوب القنوت في الصلاة ، وفيه نظر. إذ القنوت من الألفاظ المشتركة بين المعاني المذكورة ، وعدم تبارد المعنى المتعارف بين الفقهاء منها فهي كالمجملة فيها سلّمنا أنّ المراد بها الدعاء كما هو المروي عن السيّدين الصادقين عليهمالسلام (١) وأنّ الدعاء يشمل الذكر أيضا كما أشرنا إليه فلا يلزم من ذلك وجوب القنوت لأنّه تعالى أمر بالقيام حال القنوت فالواجب حينئذ القيام حال القنوت ، ولا يلزم من ذلك وجوب القنوت.
فإن قيل : على تقدير تركه لم يوجد المأمور به ، وهو القيام حال القنوت فوجوبه يستلزم وجوبه.
قلنا : لا نسلّم. إذ يجوز أن يكون واجبا مشروطا : أى إن قنتم فقوموا ، ولا مانع من كون الشيء مستحبّا وكيفيّته واجبة بهذا المعنى كما صرّح به الفقهاء في كثير من المواضع سلّمنا الوجوب لكن نقول به في ضمن القراءة والأذكار لما فيها من الذكر أو الدعاء فيتحقّق الامتثال بذلك من دون القنوت المتنازع فيه.
سلّمنا ذلك لكن الآية واردة في الصلاة الوسطى (٢) فيجوز أن يكون الوجوب مخصوصا بها.
لا يقال : متى ثبت الوجوب فيها ثبت في الجميع. إذ لا قائل بالفرق.
__________________
(١) انظر التبيان ج ١ ص ٢٥٣ ط إيران ومجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣ ط صيدا ، والبحار ج ١٨ ص ٣٧٦.
(٢) وفي رواية زرارة المتقدمة بلفظ الفقيه تصريح بان الأمر بالقنوت في الآية مخصوص بالصلاة الوسطى (انظر ص ١٢٢).