عذابه والبقاء على دوام رحمته ، وكلمة ـ قد ـ تثبت المتوقّع كما أنّ ـ لمّا ـ تنفيه ، ولمّا كان المؤمنون متوقّعون ذلك من فضل الله صارت بها بشارتهم ، والمؤمن عندنا المصدّق بالنبيّ وبما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله مواطئا قلبه ولسانه ، وفي دخول العمل الصالح خلاف أقربه العدم.
(الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) أي خاضعون متواضعون متذلّلون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم ، ولا يلتفتون يمينا ولا شمالا كذا في التبيان ، ومقتضاه أنّ الخشوع من أفعال الجوارح ، وإليه ذهب بعضهم ، وفي الكشّاف الخشوع في الصلاة خشية القلب ، وإلزام البصر موضع السجود ، وظاهره أنّ الخشوع فعل القلب والجوارح معا.
وقال الشيخ في التبيان : الخشوع في الصلاة هو الخضوع بجمع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها لتدبّر ما يجرى فيها من التكبير والتسبيح والتحميد لله وتلاوة القرآن ، وهو موقف الخاضع لربّه الطالب لمرضاته بطاعته ، وهو معنى حسن للخشوع.
ويؤيّده ما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله رآى رجلا يعبث بلحيته (١) في صلوته فقال : أمّا إنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ، وبالجملة اللازم في الخشوع أن يفرغ قلبه بجمع همّه لها ، والإعراض عمّا سواها. فلا يكون ملحوظا له غير العبادة والمعبود ويدخل في ذلك جميع ما ذكر من النظر إلى موضع السجود حال القيام كما ذكره أصحابنا.
ويدلّ عليه رواية زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : إذا قمت إلى الصلاة فليكن نظرك إلى موضع سجودك (٢) ، وفي حال القنوت يكون نظره إلى باطن كفّيه بناء على أنّ
__________________
(١) رواه في جامع أحاديث الشيعة ج ٢ ص ٢٥٣ الرقم ٢٣٥٠ ، وفي كتب أهل السنة في فيض القدير ج ٥ ص ٣١٩ الرقم ٧٤٤٧ من الجامع الصغير وفي سبل السلام ج ١ ص ١٤٧ وإحياء العلوم ج ١ ص ١٣٥ فضيلة الخشوع من الباب الأول من أسرار الصلاة.
(٢) هذا جزء من حديث مبسوط رواه في الكافي والتهذيب انظر ج ٢ ص ٢٤٢ الرقم ـ