للسكران عن القرب لعدم العلم بما يقول ، وظاهر أنّ من كان قلبه موزعا في هموم الدنيا بمنزلته ، وقوله صلىاللهعليهوآله : المصلّى يناجي ربّه (١) ولا مناجاة مع الغفلة ، ونحو ذلك.
ولو قطع النظر عن ذلك لأمكن أن يقال : إنّ الخشوع من شرائط قبول الصلاة الّتي يترتّب عليها الثواب ، وإن لم يكن من شرط الإجزاء وهو عدم وجوب القضاء فمع عدمه لا يترتّب على ترك الصلاة أثر ، وبالجملة فالأمر مشكل والعاقل لا يخفى عليه ما يحصل به الخروج عن العهدة.
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) ما لا يغنيهم من القول أو الفعل كاللعب والهزل وما توجب المروّة إلقاؤه واطراحه.
(مُعْرِضُونَ) لما بهم من الجدّ في العبادة الّتي تشغلهم عن ذلك بل الالتفات إليه وهو أبلغ من الّذين لا يلغون من وجوه عديدة : وهي جعل الجملة اسميّة ، وبناء الحكم على الضمير ، والتعبير عنه بالاسم ، وتقديم الصلة عليه ، وإقامة الإعراض مقام الترك ليدلّ على بعدهم عنه رأسا مباشرة وتسبيبا وميلا وحضورا. فإنّ أصل الإعراض أن يكون في غرض غير غرضه قال في الكشّاف : لمّا وصفهم بالخشوع في الصلاة أتبعه الوصف بالإعراض عن اللغو ليجمع بهم الفعل والترك الشاقّين على الأنفس اللذين هما قاعدتا بناء التكليف وهو جيّد ، واعترض عليه بأنّ الخشوع في الصلاة كان مشتملا على الفعل والترك وترك اللغو : أي ما لا يعنى مطلقا فعلا كان أو تركا داخل فيه فلعلّ ذكره ثانيا للتأكيد.
قلت : فيه نظر فإنّ المراد أنّهم في حال الصلاة خاشعون على الوجه المتقدّم وحال عدم الصلاة معرضون عن اللغو بمعنى أنّ جدّهم في العبادة وانتظار وقتها وتحصيل مقدّماتها شاغل لهم عن ذلك بل عن الالتفات إليه ، ولا شكّ أنّ هذا تأسيس بالنسبة إلى الخشوع لا تأكيد.
وقد يستفاد منها أرجحيّة ترك اللغو في غير وقت العبادة حيث جعله من صفات المؤمنين بل قد يستفاد وجوبه حيث قارنه بفعل الزكاة وترك الزنا. فتأمّل.
__________________
(١) قال الزين في ذيل ص ١٤٣ ج ١ احياء العلوم حديث المصلى يناجي ربه متفق عليه من حديث أنس.