(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ) إمّا على تقدير مضاف : أي فاعلون لأدائها أو أنّ المراد بالزكاة هنا المصدر كما يقال : فاعل الضرب بإضافة الفاعل إلى الأحداث كما هو المتعارف ، ولا يراد بها عين القدر المخرج للنصاب لأنّ الخلق لا قدرة لهم على فعلها وهو ظاهر ، وعن أبى مسلم أنّه حمل الزكاة هيهنا على كلّ فعل مرضيّ كقوله (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) وفيه نظر. ثمّ إنّه تعالى وصفهم بأوصاف أخر ، ورجع إلى وصفهم بالمحافظة على الصلاة بقوله :
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ) أي يواظبون عليها ويؤدّونها في أوقاتها من غير تقديم على الوقت ولا تأخير عنه وقال الشيخ في التبيان : في تفسير أهل البيت أنّ معناه الّذين يحافظون على مواقيت الصلاة فيؤدّونها في أوقاتها ولا يؤخّرونها حتّى يخرج الوقت ، ويؤيّد ذلك ما رواه أبو أسامة زيد الشحام (١) قال : سألته عن قول الله ـ عزوجل ـ (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ») قال هو الترك لها والتواني عنها ، ولكن روى يونس عن بن عمّار عن الصادق عليهالسلام (٢) قال : سألته عن قول الله (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) أهي وسوسة الشيطان؟ فقال : لا ، كلّ أحد يصيبه هذا ولكن يغفلها ويدع أن يصلّى في أوّل وقتها ، وحينئذ فيمكن أن يريد بالمحافظة الصلاة أوّل الوقت من غير تأخير عنه فتأمّل ، وليس ذكر الصلاة هنا وقع مكرّرا من غير فايدة بل أريد في كلّ موضع فايدة غير الأخرى قال في الكشّاف : ليس ذكر الصلاة مكرّرا بل لأنّهما مختلفان. إذ وصفوا أوّلا بالخشوع في صلوتهم ، وأخيرا بالمحافظة عليها ، وذلك أن لا يسهوا عنها ويؤدّوها في أوقاتها ، ويقيموا أركانها ، ويكلّفوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتمّ به أوصافها ، وأيضا فقد وحّدت أوّلا ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أىّ صلاة كانت ، وجمعت أخير لتفاد المحافظة على أعدادها وهي الصلاة الخمس والوتر [وذكر الوتر لكونه واجبا عنده] والسنن المرتّبة مع كلّ صلاة ، وصلاة الجمعة ، والعيدين ، والجنازة والاستسقاء ، والكسوف ، والخسوف ، وصلاة الضحى ، والتهجّد ، وصلاة التسبيح ،
__________________
(١ و ٢) انظر المجمع ج ٥ ص ٥٤٨.