فساد عبارته. إذ لا يشترط في صحّة صلاة البعيد ظنّ محاذاة الكعبة كما هو قول من يجعل القبلة عين الكعبة يستلزم بطلان بعض الصفّ المستطيل الّذي يزيد طوله على مقدار بعد الكعبة للقطع بخروج بعضه عنها فضلا عن ظنّ كلّ واحد أنّه مستقبل الكعبة.
فإن قيل : القطع بخروج بعضه متعلّق بالمجموع على الإشاعة لا على التعيين فلا ينافيه ظنّ كلّ واحد على التعيين أنّه مستقبل الكعبة.
قلنا : الظنّ لا بدّ من استناده إلى أمارة معتبرة بحيث يجوز الركون إليها شرعا وهذا القطع ينافيه على أنّ العلامات المنصوبة من الشارع للقبلة يوجب امتثالها صحّة الصلاة ، وإن لم يخطر بالبال ظنّ كون ذلك إلى نفس الكعبة. وحينئذ فإن كان امتثالها غير كاف لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وإن كان كافيا لم يكن ظنّ ذلك معتبرا والظاهر أنّ مراد العلّامة أنّ الجهة هي ما يظنّ اشتمالها على الكعبة : أى الامتداد العرضي في جانبي الأفق لا الطولى كما سنبيّنه.
وقال المحقّق في المعتبر : نعني بالجهة السمت الّذي فيه الكعبة لا نفس التنبيه وذلك متّسع يمكن أن يوازي كلّ مصلّى ، وهو أجود ممّا سبق إلّا أنّه غير تامّ لأنّه إن أراد السمت بالمعنى اللغويّ ورد الصفّ المستطيل وصلاة أهل الإقليم الواحد بعلامة واحدة ، وإن أراد المعنى الاصطلاحي : أي خطّ يخرج من وجه المصلّى إلى الكعبة أو نقطة من دائرة الأفق إذا واجهها الإنسان كان مواجها للكعبة فظاهر أنّ مثل ذلك أمر ضيق يتوقّف على مقدّمات دقيقة لا يكلّف بها كلّ أحد والنصوص دالّة على ما هو أوسع من ذلك.
أقول : الظاهر أنّ مراده بالسمت فيه هو الامتداد العرضي في جانبي الأفق لا الطولى الّذي يمتدّ من المستقبل في الصوب الّذي يستقبله ، وأراد بكون الكعبة فيه اشتماله على الكعبة وفي الذكرى المراد بالجهة السمت الّذي يظنّ كون الكعبة فيه لا مطلق الجهة كما قاله بعض العامّة : إنّ الجنوب قبلة لأهل الشام ، وبالعكس ، والمشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس لأنّا نتيقّن الخروج هنا عن القبلة وهو قريب من تعريف المحقّق غير أنّه اكتفى بظنّ كون الكعبة في السمت ، والّذي يظهر من كلامه في الردّ على المخالف أنّ