الأعم وهو الانتفاع أولى لئلّا يلزم الإجمال أو الترجيح بلا مرجّح. إذ لا قرينة على الخصوص بالنسبة إلى بعض الأفعال دون بعض ، وإذا كان مطلق الانتفاع بالميتة حراما لزم من ذلك تحريم لبس جلدها ، واستعماله في الصلاة وغيرها ولأنّ جميع ذلك داخل في الانتفاع ، وقد يقال : لا نسلّم عدم القرينة على الخصوص إنّما ذلك إذا لم يتبادر الذهن إلى معنى من المعاني بخصوصه ، والمتبادر من تحريم الميتة تحريم أكلها كما في تحريم الدم ولحم الخنزير. فينصرف النهي إليه ، ويتعلّق به وحدة الحكم فلا يتمّ المطلوب ، ويؤيّده ما روي الجمهور عن النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّما حرّم من الميتة أكلها (١) وعلى الأوّل فالتحريم لا يدلّ على النجاسة ، ويؤيّده تعلّقه هنا بالاستقسام بالأزلام ولا نجاسة فيها ظاهرا ، وعلى هذا فما قاله بعضهم : من أنّ الحكم بتحريم جميع الانتفاعات يستلزم الحكم بنجاستها نظرا إلى أنّه لو كان طاهرا لانتفع به وهو باطل مدفوع بما بيّناه ، ويؤيّده تعلّق التحريم بالخمر ولا نجاسة فيها عند بعضهم نعم النجاسة في الميتة ثابتة بالإجماع وتظافر الروايات (٢) عن أصحاب العصمة عليهمالسلام بذلك ، وفي حكم الميتة ما أبين من حيّ ، ويؤيّده قوله : ما أبين من حيّ فهو ميّت (٣) وإنّما يتحقّق النجاسة في الأجزاء الّتي تحلّها الحيوة منها ، ولو لم تحلّها الحيوة لم ينجس بالموت ، وهو طاهر ، ويعتبر كونها من ذي النفس فلو كانت من غيره لم تنجس. ثمّ إنّ أصحابنا مجمعون على
__________________
(١) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ١ ص ٧٢ وفيه رواه الجماعة ، وانظر أيضا سنن البيهقي ج ٢ ص ١٥ و ٢٣.
(٢) انظر تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ١٠١ و ١٠٢.
(٣) لم أظفر على الحديث بهذا اللفظ نعم مضمونه موجود في الأحاديث انظر الوسائل الباب ٢٤ من أبواب الصيد وإن ما قطعت الحبالة فهو ميتة والباب ٣١ من أبواب الأطعمة وأن أليات الغنم تقطع وهي أحياء ميتة ، ومستدرك الوسائل ج ٣ ص ٦٩ عن دعائم الإسلام بلفظ ما قطع من الحيوان ، وفي لفظ آخر كل شيء سقط من حي فهو ميت ، واللفظ في أحاديث أهل السنة ، ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة انظر الرقم ٧٩٦١ من الجامع الصغير في ج ٥ ص ٤٦١ من الفيض القدير والرقم ١٠٥٢ ج ٦ ص ١٣٩ كنز العمال عن أحمد والترمذي وأبى داود والمستدرك والطبراني في الكبير وفي الرقم ١٠٥١ من الكنز عن الحلية : كل شيء قطع من الحي فهو ميت ، وفي لفظ للمستدرك ج ٤ ص ٢٣٩ ما قطع من حي فهو ميت.