عدم جواز الصلاة في شيء منها لتظافر الأخبار به وخالف العامّة فجوّزوا (١) الصلاة في جلدها مطلقا عند جماعة ومع الدبغ عند آخرين لإزالة الزهومة الّتي في الجلد ظنّا منهم أنّها تصير نجسة بالموت فيؤمر بالدبغ لإزالتها كما يدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآله : أيما إهاب دبغ فقد طهر (٢) بعد السؤال عن جلد الميتة ، وهو ضعيف ، وتمام ما يتعلّق بذلك يعلم من محلّه ، وكذا ما يتعلّق بأحكام الدم أمّا إطلاق الدم هنا وتقييده بالمسفوح في آية أخرى فسيجيء الكلام فيه. فتأمّل.
الرابعة : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ). (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) (٣).
(وَالْأَنْعامَ) جمع نعم ، وهي الإبل والبقر والغنم سمّيت بذلك لنعم وطؤها ولا يقال : لذوات الحافر الأنعام لصلب مشيها ، وانتصابها بفعل مقدّر يفسّره :
(خَلَقَها لَكُمْ) ويحتمل انتصابه بالعطف على الإنسان في الآية السابقة ويكون خلقها لكم بيان ما خلق لأجله ، وما ذكره بعده تفصيل له وتعداد لبيان وجوه الانتفاع.
(فِيها دِفْءٌ) وهو ما يدفأ به من الأكسية والملابس المتّخذة من أوبارها وأصوافها وإشعارها.
__________________
(١) انظر الأقوال مفصلا في تعاليقنا على كنز العرفان من ص ٩٧ إلى ١٠١ ج ١.
(٢) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ١ ص ٧٥ أخرجه عن أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي ، وانظر أيضا سنن البيهقي ج ١ ص ١٦.
(٣) النحل ٥ و ٨٠ و ٨١.