يخاطب الرئيس ، والمراد جميع الرعيّة ، والمعنى إذا أردت قراءة القرآن.
(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) فإن بعد القراءة لا تجب الاستعاذة ، والتعبير عن الإرادة بالفعل كثير في الكلام. تقول : إذا أفطرت فقل هذا الدعاء ، وإذا أكلت فسمّ ، وقد تقدّم الوجه في قوله (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) والاستعاذة طلب اللجإ استفعال من العوذ والعياذ وهو اللجإ.
(مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) المرجوم من السماء بالشهب الثاقبة أو المرجوم باللعنة ، والشيطان فيعال من شطنت الدار : أي بعدت أو فعلان من شاط يشيط إذا بطل ، والأوّل أولى قال في التبيان :
والاستعاذة استدفاع الأدنى بالأعلى على وجه الخضوع والتذلّل وتأويله استعذ بالله من وسوسة الشيطان عند قرائتك القرآن لتسلم في التلاوة من الزلل ، وفي التأويل من الخطل. ثمّ إنّ الآية مشتملة على الأمر بالاستعاذة عند التلاوة ، والأكثر على استحبابها بل قال الشيخ أبو جعفر في التبيان : إنّها مستحبّة غير واجبة بلا خلاف وفي مجمع البيان للطبرسي ـ رحمهالله ـ أنّها غير واجبة بلا خلاف في الصلاة وخارج الصلاة ولعلّهما يريدان نفى الخلاف بين أصحابنا في عدم الوجوب ، وإلّا فبعض العامّة يذهب إلى وجوبها في كلّ قراءة في الصلاة وغيرها محتجّين بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله واظب عليها ، وقال تعالى (فَاتَّبِعُوهُ) ، ولأنّ الأمر في (فَاسْتَعِذْ) للوجوب ، وإنّما تجب عند كلّ قراءة لأنّ ذكر الحكم عقيب الوصف المناسب يدلّ على التعليل ، والحكم يتكرّر بتكرر العلّة ، وربّما ينقل هذا القول عن عطا ، وفيه بعد ، وقد نقل عن أبي علىّ ولد الشيخ الطوسي ـ رحمهالله ـ القول بوجوبها في أوّل ركعة قبل الحمد فقط. قال في الذكرى : وهو غريب لأنّ الأمر هنا للندب بالاتّفاق ، وقد نقل فيه والده في الخلاف الإجماع هنا.
قلت : هو حمل الأمر على مقتضاه إذا لم يكن له معارض صريحا فيعمل عمله ولعلّه فهم أنّ الإجماع الّذي نقله والده لم يرديه حقيقته بل الشهرة كما وقع في غيره من المواضع ، ويؤيّده حسنة الحلبي عن الصادق عليهالسلام قال : إذا افتتحت الصلاة فارفع