يديك. إلى أن قال : ثمّ تعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ثمّ اقرأ فاتحة الكتاب. الحديث (١).
وقد يقال : ظاهر الآية الأمر بالاستعاذة في كلّ ركعة بل عند ابتداء القراءة مطلقا في الصلاة أو غيرها حتّى أنّه لو قطعها في الأثناء ثمّ أراد أن يقرأ فليستعذ. ثمّ يقرء لأنّ الحكم المترتّب على شرط يتكرّر بتكرّره ، كما ثبت في الأصول ، ولا قائل بالوجوب على هذا الوجه. فإنّ الشيخ أبا عليّ إنّما أوجبه في الركعة الأولى كما عرفت ، وهذا ممّا يقوى الظنّ بكون الأمر للندب إلّا أن يقال مقتضى الآية العموم وخصّ بعض الأفراد لمكان الإجماع فيبقى ما عداه وهو التعويذ أوّل ركعة واجبا.
وفيه نظر مع أنّ مقتضى هذا الاستحباب في كلّ ركعة.
وقد نقل العلّامة في المنتهى وجماعة من الأصحاب الإجماع على عدم استحبابها في باقي الركعات ، ولعلّهم يحكمون بأنّ مجموع الصلاة بمنزلة فعل واحد وقراءة واحدة عرض في أثنائها ذكر فتكفي الاستعاذة الواحدة في أوّل كلّ ركعة ، والآية لا تنافي ذلك لعدم ظهور العموم فيها ، وفيه نظر.
وقد يقال : لو سلّم عموم الآية فهو مخصوص بأوّل ركعة للإجماع على الاستحباب ههنا فقط فيخرج غيرها قال البيضاوي (٢) إنّها دليل على أنّ المصلّى يستعيذ في كلّ ركعة لأنّ الحكم المترتّب علي شرط يتكرّر قياسا.
قلت : الشافعي يذهب إلى التعوّذ في كلّ ركعة ، ويستدلّ بظاهر الآية كما ذكره البيضاوي ، ولا يخفى أنّه لو تمّ ما ذكره لم يكن قياسا بل عموما عرفيا مستفادا من النصّ كما في (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) لكنّه غير تامّ لمّا عرفت.
ويؤيّده ما رواه الجمهور عن أبي هريرة (٣) قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوآله إذا نهض
__________________
(١) انظر الجامع ج ٢ ص ٢٦٨ الرقم ٢٤٧٢ عن الكافي والتهذيب.
(٢) انظر تفسير البيضاوي ص ٣٦٦ ط المطبعة العثمانية سنة ١٣٠٥.
(٣) انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٢ ص ٢٧٩ أخرجه عن مسلم ، وقال الشوكانى في شرحه إنه أخرجه أيضا النسائي وابن ماجة وأبو داود ، واستدل الشوكانى به على عدم مشروعية ـ