انقص من القليل قليلا أو زد على القليل قليلا (١) ، ويحتمل أن يكون نصفه بدلا من الليل ، وإلّا قليلا استثناء من النصف كأنّه قال : قم أقلّ من نصف الليل ، والضمير في منه وعليه للنصف. والمعنى التخيير بين أمرين : أن يقوم أقلّ من نصف الليل على البتّ وأن يختار أحد الأمرين : وهما النقصان من النصف والزيادة عليه.
وفيه أنّه على هذا يلغوا وانقص منه لأنّ التخيير في الحقيقة بين الأقلّ من النصف والزيادة عليه.
وأجيب بأنّه قيل : أو انقص لمناسبة أو زد ، ولأنّه قد يحسن الترديد بين الشيء على البتّ وبين غيره على التخيير ، ولا يخفى ما فيه لأنّه تكلّف بعيد عن فصاحة القرآن فتأمّل فيه. قال في الكشّاف : وإن شئت قلت : لمّا كان معنى قم الليل إلّا قليلا نصفه إذا أبدلت النصف من الليل. قم أقلّ من نصف الليل رجع الضمير في منه وعليه إلى الأقلّ من النصف فكأنّه قيل : قم أقلّ من نصف الليل أو قم أنقص من ذلك الأقلّ أو أزيد منه قليلا. فتكون التخيير فيما وراء النصف بينه وبين الثلث ، وفيه أنّه على هذا لا يكون النصف من أفراد المخيّر فيه بل يكون المخيّر فيه الأفراد المتجاوزة عن النصف ، ولا يخفى ما فيه.
وربّما قيل : إنّ نصفه بدل من الليل ، والمراد إلّا قليلا من الليالي وهو ليالي العذر والمرض فإنّه غير مكلّف فيها بالقيام لمكان العذر.
وفيه نظر لما في آخر السورة عند قوله (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ) الآية وسيجيء. فكيف كان ففي الآية دلالة على وجوب صلاة الليل على النبيّ صلىاللهعليهوآله (٢) كما في قوله (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) أي يجب التهجّد وهو الصلاة بالليل
__________________
(١) انظر المجمع ج ٥ ص ٣٧٧.
(٢) انظر خصائص النبي (ص) بأقسامها في التذكرة أول كتاب النكاح المقدمة الرابعة ومن كتب أهل السنة تهذيب الأسماء واللغات للنووي ج ١ من ص ٣٧ إلى ص ٤٤ ثم إنه أتحفنا الأستاذ مرتضى المدرسى (الچهاردهى) ـ دام ظله ـ بنسخة مخطوطة من حاشية لملا محمد ابن عبد الفتاح التنكابنى المعروف بسراب على ـ تغمده الله بغفرانه ـ على زبدة البيان ، وله في ـ