(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها) تفرّقوا عنك خارجين إليها روي أنّه صلىاللهعليهوآله كان يخطب للجمعة فمرّت عير تحمل الطعام فخرج الناس إليهم إلّا يسيرا قيل : ثمانية ، وقيل : أحد عشر ، وقيل : اثنى عشر ، وقيل : أربعون. فقال صلىاللهعليهوآله : والّذي نفس محمّد بيده لو خرجوا جميعا لأضرم الوادي نارا (١) ، والمراد باللهو الطبل الّذي كانوا يستقبلون به العير بالتصفيق ، والضمير المجرور يعود إلى التجارة ، وإنّما خصّت بردّ الضمير إليها لأنّها كانت أهمّ إليهم وهم بها أسرّ ، والترديد بأو للدلالة على أنّ منهم من انفضّ لمجرّد سماع الطبل ورؤيته أو للدلالة على أنّ الانفضاض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموما كان الانفضاض إلى اللهو أولى بالذم ، وقيل : تقديره إذا رأوا تجارة انفضّوا إليها ، وإذا رأوا تجارة انفضّوا إليها ، وإذا رأوا لهوا انفضّوا إليه على أنّ أو بمعنى الواو.
(وَتَرَكُوكَ قائِماً) على المنبر تخطب وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام (٢) ، وسئل عبد الله بن مسعود أكان النبيّ يخطب قائما؟ قال : أما تقرأ وتركوك قائما (٣) وروي جابر بن سمرة (٤) قال : وقيل : أراد قائما في الصلاة.
(قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ) الّذي تركوا الصلاة لأجله.
(وَمِنَ التِّجارَةِ) أيضا لأنّها موهومة قليلة الفائدة. فلا معنى لترك التجارة العظيمة الباقية وهي الصلاة معك تركا مستلزما للعقاب تحصيلا لما هو فان قليل الفائدة ، وفي تقديم التجارة في الصدر على اللهو ، وتقديمه عليها في العجز تقريع لهم
__________________
(١) انظر الكشاف ج ٣ ص ٢٣٢.
(٢) انظر المجمع ج ٥ ص ٢٨٩.
(٣) انظر الدر المنثور ج ٦ ص ٢٢١ أخرجه عن ابن أبي شيبة وابن ماجة والطبراني وابن مردويه.
(٤) انظر النسائي ج ٣ ص ١١٠ وأخرجه أيضا أبو داود بزيادة : فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة ج ١ ص ٣٩٢ الرقم ١٠٩٣ وكذا في صحيح مسلم ، واللفظ فيه : فمن نبأك. وقال النووي في شرحه ج ٦ ص ١٥٠ : المراد من ألفي صلاة الصلوات الخمس لا الجمعة.