بإقامة الصلاة للإشارة إلى أنّ المراد بها الصلاة المتقرّرة في الشرع المحمّدي ، وعدم إرادة صلوتهم حيث كان اللفظ متناولا لها كما قال الشيخ في التبيان.
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ) الاستفهام للتقرير مع التوبيخ ، والتعجّب من حالهم والبرّ اسم جامع لإعمال الخير ، وكلّ طاعة لله تعالى فلا خلاف أنّها برّ ويتناول كلّ خير ، ومن ثمّ قيل : البرّ ثلاثة : برّ في عبادة الله تعالى ، وبرّ في مراعاة الأقارب وبرّ في معاملة الأجانب.
(وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) تتركونها خالية من البرّ كالمنسيات نزلت في أخبار بني إسرائيل.
واختلف في المراد بالبرّ فيها فقيل : هو التمسّك بكتابهم فإنّهم كانوا يأمرون الناس باتّباعه ولم يؤمنوا به ولا يتّبعونه ، وذلك لأنّ جحدهم نبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآله هو تركهم التمسّك به للدلالة على وجوب اتّباعه.
وقيل : كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدّقون ، ويمكن حملها على ما هو أعمّ من ذلك.
فإن قيل : فإذا كان فعل البرّ واجبا والأمر به واجبا فلما ذا وبّخهم على الأمر بالبرّ.
قلنا : لم يوبخهم على الأمر بالبرّ وإنّما وبّخهم على ترك فعل البرّ المضموم إلى الأمر به لأنّ ترك البرّ ممّن يأمر به أقبح من تركه ممّن لا يأمر به كقوله :
لا تنه عن خلق وتأتى مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
وبالجملة فالمراد النهي عن كون النفس فاعلة للمعاصي والذنوب ، وتاركة للخير والعمل الصالح كالإيمان به صلىاللهعليهوآله واتّباعه والتصدّق ونحوه مع أمر الناس بضدّه.
(وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) أي التورية الدالّة على نعته صلىاللهعليهوآله وكونه نبيّا حقّا أو ما فيها من الوعيد على ترك البرّ ومخالفة القول العمل.
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) قبح صنيعكم فيصدّكم استقباحه على الإقدام عليه فكأنّكم في