(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قد مرّ غير مرّة وجه تخصيصهم بالخطاب مع كون الحكم ثابتا بالنسبة إليهم ، وإلى الكفّار أيضا.
(كُتِبَ) أى فرض وأوجب.
(عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) وهو العبادة المعروفة في الشرع : أي الإمساك عن أشياء مخصوصة على وجه ممّن هو على صفات مخصوصة ، والصيام والصوم بمعنى واحد يقال : صمت صوما وصياما.
(كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) يعنى الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم والمراد أنّ الصوم عبادة قديمة أصليّة (١) ما أخلى الله امّة عن افتراضها ولم يفرضها عليكم وحدكم وفي ذلك ترغيب على الفعل وتسلية للمؤمنين وتطييب لقلوبهم بشرع تكليفه ففيهم من ذلك الاهتمام بتوطين النفس على فعله وحسن قبوله ، ومحلّ الكاف النصب على أنّه صفة المصدر المحذوف ، وما مصدريّة : أي كتابة مثل كتابته على الّذين من قبلكم ، ولعلّ التشبيه في أصل الصوم أو العدد أو الوقت أيضا لكنّه غيّره أيضا كما نقله جمع من المفسّرين.
(لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) المعاصي فإنّ الصوم يكسر الشهوة الّتي هي أسّ المعصية ، وفي
__________________
(١) انظر قاموس الكتاب المقدس ص ٤٢٧ و ٤٢٧ لغة (روزه) يشير فيه إلى مواضع ذكر الصوم في كتب العهدين ، وليس قوله : كما كتب على الذين من قبلكم في مقام الإطلاق من حيث الأشخاص ، ولا من حيث التنظير فلا يدل على أن جميع أمم الأنبياء كان مكتوبا عليهم الصوم من غير استثناء ، ولا على أن الصوم المكتوب عليهم هو الصوم الذي كتب علينا من حيث الوقت والخصوصيات والأوصاف فالتنظير في الآية إنما هو من حيث أصل الصوم ، والكف لا من حيث خصوصياته ، وربما يستفاد من بعض الاخبار اختصاص كونه فرضا بالأنبياء انظر البرهان ج ١ ص ١٨٠ ونور الثقلين ج ١ ص ١٣٦ ولا ينافي ذلك كونه مشروعا للأمم كصلاة الليل تكون واجبة على نبينا (ص) وهي مشروعة لنا غير فرض.