الحديث من لم يطلق الباه فعليه بالصوم فإنّ الصوم له وجاء (١) وفي آخر خصاء أمّتي الصوم (٢) وعلى هذا فيمكن أن يستفاد منها اعتبار اجتناب جميع المعاصي في الصوم لما روي
__________________
(١) والحديث كما في المنتقى ج ٦ ص ١٠٦ نيل الأوطار هكذا ، عن ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله (ص) : يا معشر الشباب من استطاع منكم البائه فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه الجماعة (أصحاب الصحاح الست وأحمد) وشرح الحديث ابن حجر مع بيان مواضع اختلاف الألفاظ في الفتح من ص ٩ إلى ١٢ ج ١١ ، وأخرجه البيهقي ج ٤ ص ٢٩٦ وج ٧ ص ٧٧ والمنذرى في الترغيب والترهيب ج ٣ ص ٤٠ ورواه المحدث النوري في المستدرك عن در اللآلي عن النبي (ص) والبائه بالهمزة وتاء التأنيث ممدود وبغير همزة ولا مد وبهمزة ومد بلا هاء ، والباهة كالأول لكن بهاء بدل الهمزة : الجماع وأصله الموضع الذي يتبوء ويأوي إليه.
والمراد في الحديث بقرينة الجملة بعدها مؤن النكاح سميت باسم ما يلازمها. والوجاء بكسر الواو والمد وقال بعضهم : وجيء بفتح الواو مقصورا ، والأول أكثر ، هو رض عروق الأنثيين حتى ننفضح فيكون شبيها بالخصي ، وأصله الغمز ، وإطلاق الوجاء على الصيام من مجاز المشابهة.
وفي الحديث إشكال من جهة إغراء الغائب في قوله : فعليه ، ومن أصول النحويين أن لا يغري الغائب تقول : عليك زيدا ، ولا تقول ، عليه زيدا ، وأجيب بأن الخطاب للحاضرين الذين خاطبهم أولا بقوله : من استطاع منكم. فالهاء في قوله فعليه ليست لغائب ، وإنما هي للحاضر المبهم. إذ لا يصح خطابه بالكاف نظير (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) إلى قوله (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) ومثله لو قلت لاثنين : من قام منكما فله درهم. فالهاء للمبهم من المخاطبين لا لغائب.
(٢) انظر المجمع ج ١ ص ٢٧٢ وأخرجه السيوطي بالرقم ٣٩١١ ج ٣ ص ٤٤٠ فيض القدير عن أحمد والطبراني الكبير بلفظ خصاء أمتي الصيام والقيام. قال المناوى في شرحه : قاله لعثمان بن مظعون ، وقال الزين العراقي : إسناده جيد. وقال تلميذه الهيثمى : رجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام.
وأرسله السيد الشريف الرضى في مجازات الآثار النبوية ص ٥٣ قال ـ قدسسره ـ : وهذا القول مجاز لانه (ع) أراد أن الصيام يميت الشهوات ، ويشعل عن اللذات كما أن الخصاء في الأكثر يكسر النزوة ، ويقطع الشهوة قال : ومما يؤكد ذلك الخبر الأخر المروي عنه ـ