في شهر رمضان قال : يفطر ، وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل.
والجواب أن ظاهر الآية يقتضي كون المكلّف مشتملا على السفر من حيث الوقت الّذي يقع فيه الصيام وإنّما يكون الاشتمال بمضي أكثره في السفر على ما عرفت والسفر المنافي للصوم وهو هذا السفر لا مطلقا فلا يحصل المنافاة على ذلك التقدير ، والرواية ضعيفة السند مقطوعة لا عمل عليها فتضمحلّ في مقابلة ما ذكرناه من الأخبار الصحيحة ، وممّا ذكرنا يظهر عدم جواز الفطر بمجرّد التهيّؤ للسفر والإشراف عليه كما روي عن بعض العامّة ، ورواه محمّد بن كعب (١) قال أتيت أنس بن مالك في شهر رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت راحلته ولبس ثياب السفر ودعا بطعام فأكل قلت له : سنّة فقال : سنّة وركب أخرجه الترمذي ، وقد انعقد إجماعنا على بطلان هذا القول والشيخ لم يوجب الإفطار بالخروج قبل الزوال إلّا فيما إذا بيّت نيّة السفر من الليل فلو لم يبيّت النيّة وخرج قبل الزوال أفطر واجبا ، ولو خرج بعد الزوال أمسك واجبا وقضاه ، واستدلّ له المحقّق بظاهر قوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) ، وهو بإطلاقه يدلّ على وجوب الإتمام مع الخروج قبل الزوال وبعده قال : ولا يلزم ذلك علينا لأنّه مع تبيّت النيّة من الليل يكون صومه مشروطا في نيّته فلا يصحّ ، ولأنّه إذا عزم على السفر من الليل لم ينو الصوم فلا يكون صوما تامّا ، والعلّامة في المختلف بعد أن اختار القول الأوّل رجع عنه ، وقال : قول الشيخ ليس ببعيد من الصواب. إذ لم يتحقّق فيه شرط الصوم ، وهو النيّة.
ولا يخفى أنّه بعيد من الصواب ، وآية (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ) لا نسلّم تناولها لمن
__________________
(١) انظر الترمذي الطبعة الأخيرة ج ٣ ص ١٦٣ الرقم ٨٩٩ لم يخرج الحديث من أصحاب الكتب الستة سوى الترمذي ، وفي طريقه عبد الله بن جعفر وهو والد على بن المديني قال الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٢ ص ٤٠١ الرقم ٤٢٤٧ : متفق على ضعفه روى عن عبد الله بن دينار وطائفة قال يحيى : ليس بشيء ، وقال ابن المديني : أبى ضعيف. وقال أبو حاتم منكر الحديث جدا وقال النسائي ، متروك الحديث ، وقال الجوزجاني : واه ثم سرد عدة أحاديث عنه.