هو إبطال أن يكون الله تعالى في نفسه مرئيّا ، والتأويلان معا مشتركان في دفع ذلك وقد قام كلّ واحد مقام صاحبه في الغرض المقصود ، وجرت التأويلات مجرى الأدلّة في أنّه يغني بعضها عن بعض ، ثمّ قال : وقد خالفت في هذا المذاهب. انتهى ، وهو جيّد
__________________
ـ منهم على أن الله تعالى لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة ، ووافقهم في ذلك المعتزلة أما غيرهم من أهل السنة فقد ذهبوا إلى إمكانها في الدنيا ، ووقوعها في الآخرة ، وحسبنا العقل السليم الحاكم بامتناع الرؤية مع عدم حصول شرائطها الممتنعة كلها على الله ، وحسبنا أيضا كلام الله العزيز حيث قال عز من قائل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ، وقال (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) وقال (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) وقال مخاطبا لموسى بن عمران (لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) تدل على استحالة الرؤية بالنسبة إليه سبحانه لانه قد ربطها باستقرار الجبل ، واستقراره في حال كونه متزلزلا من المحالات وإلا لزم كونه ساكنا ومتحركا في حالة واحدة فهو أشبه بقوله (لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) وإذا امتنعت رؤيته على أنبيائه كانت بالنسبة إلى غيرهم أولى بالامتناع وقد تواترت أخبار الإمامية في ذلك انظر البحار ج ٢ ط كمپانى من ص ١١٢. إلى ١٢٢ ، وفي تلك الأخبار لطائف ودقائق إذا تأمل من كان له قلب سليم وسر نقى علم أن تلك الدقائق والمعارف الحقة الإلهية والإشارات العقلية التي لم تبلغ إليها أفكار أوحدي الناس في تلك الأعصار فضلا عن غيرهم ، ولا يدركها الراسخون في العلوم الإلهية إلا بعد تلطيف سر ومدد سماوي إنما فاضت من صدور الذين هم المستضيئون بأنوار الرحمن ، والعالمون بالعلوم اللدنية المستفاضة من لدن مبدء العالم عليهم ، والمتضلع في أقوال العلماء يذعن بأنه لم يعهد إقامة مثل هذه البراهين المأثورة عن آل محمد من غيرهم ، والاخبار في هذه المسئلة كثيرة ونكتفي للتبرك بذكر خبر رواه في الاحتجاج ج ٢ ص ١٨٤ ط النجف ، والتوحيد للصدوق ص ٩٨ ط إيران والكافي الخبر الثاني من باب إبطال الرؤية ، وهو في ص ٦٨ ج ١ مرآت العقول ، ووصفه العلامة المجلسي بالصحة ، وحيث إن ألفاظ الخبر مختلفة ننقله بلفظ الكافي أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبى الحسن الرضا. فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والاحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية. فقال أبو الحسن : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والانس لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما وليس كمثله شيء أليس محمد؟ قال : بلى قال : كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من ـ