غير أنّ مراده بالمذاهب بعضها فإنّ المخالف في ذلك بعض العامّة ، وأمّا أكثرهم فمعترفون بأنّ استنباط المعانيّ على قوانين اللغة العربيّة ممّا لا قصور فيه بل يعدّونه فضلا
__________________
ـ عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول : لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما وليس كمثله شيء.
ثم يقول : أنا رأيته بعيني وأحطت به علما ، وهو على صورة البشر أما تستحيون ما قدرت الزنادقة أن ترميه عليهالسلام بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشيء ثم يأتي بخلافه من وجه آخر ثم قال أبو قرة : فإنه يقول ، ولقد رآه نزلة اخرى فقال أبو الحسن عليهالسلام : إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال : لقد رأى مر آيات ربه الكبرى فآيات الله غير الله ، وقد قال الله (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) فإذا رأته الابصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة فقال : أبو قرة فتكذب بالروايات. فقال أبو الحسن : إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه إنه لا يحاط به علما ولا تدركه الابصار وليس كمثله شيء ، وفي آخر الحديث في الاحتجاج فتحير أبو قرة فلم يحر جوابا حتى قام وخرج.
والقائلون بالرؤية طائفتان : الاولى : المجسمة والكرامية الذين يقولون بأن ربهم جسم الثانية : أتباع الأشعري ، ومن كان قبله ممن هو بمنزلتهم فهما وتعقلا. قال بعض : إن رؤية الله جائزة في الدنيا عقلا ، واختلف في وقوعها ، وفي أنه هل رآه النبي صلىاللهعليهوآله ليلة الإسراء أولا؟ فأنكرته عائشة انظر البخاري بشرح ابن حجر (فتح الباري) ص ٢٢٩ ج ١٠ الطبعة الأخيرة ، وعليه جماعة من الصحابة والتابعين والمتكلمين ، ونسب إثباته إلى ابن عباس لكنها افتراء محض لا يحتمل من مثله مثل هذه المقالة الزائفة فان صح ما نقل عنه فمأول بالعلم به فقد أخرج مسلم عنه رأى ربه بفؤاده مرتين ومن طريق عطاء أنه رآه بقلبه وروى ابن مردويه عنه أنه لم يره رسول الله بعينه إنما رآه بقلبه انظر ص ٢٣١ ج ١ فتح الباري ، والمراد برؤية القلب الانكشاف التام بالبصيرة القلبية لا ما ذكره ابن حجر هنا من أن المراد حصلت في قلبه كما يخلق الرؤية بالعين لغيره ، والرؤية لا يشترط فيها شيء مخصوص ولو جرت العادة يخلقها في العين فان ما ذكره ربما يضحك به الثكلى ، وأخذ بهذه المقالة (جواز الرؤية عقلا في الدنيا) جماعة من السلف والأشعري في جماعة من أصحابه وابن حنبل ، وكان الحسن على ما نقل عنه يقسم لقد رآه وتوقف فيه جماعة هذا حال رؤيته في الدنيا ، وأما رؤيته في الآخرة فعند غير المعتزلة من أهل السنة جائزة عقلا واقعة في الآخرة للمؤمنين خاصة أو للكل انظر مقالات الاسلاميين للأشعري ج ١ ص ٢٦٣ ، وفيه واختلفوا في رؤية الباري على تسع عشرة مقالة ، و ـ