قيل وجوه أخر بعيدة.
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) شبّه أوّل ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتدّ معه من غبش الليل بخيطين أبيض وأسود ، واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله : من الفجر عن بيان الخيط الأسود لدلالته على كونه من الليل ، وبذلك خرجا عن الاستعارة إلى التمثيل ، ويجوز أن يكون من للتبعيض فإنّما يبدو بعض الفجر وأوّله ، وما روي أنّها نزلت ولم ينزل من الفجر فعمد له رجال إلى خيطين أبيض وأسود يأكلون ويشربون حتّى يتبيّنا لهم فنزلت غير ثابت عندنا وإن صحّ كان قبل دخول الشهر : إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع قطعا أو اكتفى باشتهاره في ذلك فإنّ من مستعملات العرب إطلاق الخيط الأبيض على أوّل ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق قال الشاعر :
فلمّا أضاءت لنا سدفة |
|
ولاح من الصبح خيط أنارا (١) |
__________________
(١) البيت لأبي دواد بضم الدال المهملة بعدها الواو الأيادي جارية ويصحف جارية بحارثة وقيل جويرية ابن الحجاج بن بحر بن عصام بن منبه بن حذاقة بن زهير بن أياد بن سعد بن عدنان وعن أبى الهيذام اسمه جويرية بن برد بن دعمي بن أياد بن نزار ، وقال الأصمعي حنظلة بن الشرقي من قدماء شعراء الجاهلية أحد نعات الخيل المجيدين وهم ثلاثة ، أبو دواد في الجاهلية وطفيل ، والجعدي ، وترى بعض أبياته في أنساب الخيل لابن الكلبي ص ١١٣ قيل للحطيئة :
من أشعر الناس قال الذي يقول ،
لا أعد الإقتار عدما ولكن |
|
فقد من قد رزئته الاعدام |
وعن ابن الأعرابي لم يصف أحد الخيل إلا احتاج إلى أبى دواد ، وكان ابنه دواد وابنته دوادة شاعرين وكانت أياد تفخر به ، وتقول : منا أجود الناس وأشعرهم كعب بن مامة ، وأبو دواد ، وقد ضربت العرب المثل بجار أبى دواد انظر مجمع الأمثال ج ١ ص ١٦٣ الرقم ٨٤٨ قال قيس بن زهير :
أطوف ما أطوف ثم آوى |
|
إلى جار كجار أبى دواد |
وقال طرفة بن العبد :
أني كفاني من أمر هممت به |
|
جار كجار الحذاقى الذي اتصفا |