الفجر كون أوّل زمانه الواجب الفجر ، وظاهر أنّ ذلك إنّما يتحقّق بإمساك جزء من الليل وآخره من باب المقدّمة ، والنيّة إنّما تكون معتبرة لو وقعت قبل الفعل لا بعده ولا في أثنائه لعدم الاعتداد بالجزء منه الخالي عن النيّة وهو يستلزم بطلان المجموع لأنّ الصوم عبادة واحدة.
وقد يقال ذلك في الفعل الغير المستغرق للزمان أمّا فيه فيجوز أن يكون النيّة بعد التحقّق لا قبله لتعذّره ، وممّن صرّح بذلك الشهيد في الدروس في بيان أعمال الحجّ كالوقوف بعرفة فإنّه جعلها مقارنة لما بعد الزوال فتكون هنا كذلك نعم إيقاعها في الليل أحوط للاتّفاق على إجزائه.
وقال السيّد المرتضى : إنّ وقت النيّة من طلوع الفجر إلى قبل الزوال وظاهره جواز تأخيرها عن الفجر اختيارا للذاكر العامد ، واحتجّ له العلّامة في المختلف بما رواه عبد الرحمن بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام (١) عن الرجل يصبح ولم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان إله أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار؟ فقال : نعم له أن يصوم ويعتدّ به في شهر رمضان ، ونحوها صحيحة هشام (٢) ولا دلالة فيه لظهور سياقها في القضاء ونحن نجوّز تجديد النيّة فيه إلى الزوال اختيارا بخلاف الأداء ، ولا يرد أنّ دليلكم يقتضي عدم جواز التجديد للناسي في أثناء النهار ، وهو قول مرغوب عنه لأنّ عندنا ما يدلّ على الإجزاء على ذلك التقدير ، وهو ما اشتهر عنه صلىاللهعليهوآله وذاع وملأ الإقطاع أنّ ليلة الشكّ أصبح الناس وجاء جماعة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فشهدوا برؤية الهلال فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله مناديا ينادى من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك ، ونحو هذا من أخبارنا كثير ، وإذا جاز الصوم مع الجهل بالهلال جاز مع النسيان لاشتراكهما في المعذوريّة.
وظاهر كون الصوم إلى الليل يقتضي تحريم الوصال : أي إدخال جزء من الليل
__________________
(١) التهذيب ج ٤ ص ١٨٧ وص ١٨٨ الرقم ٥٢٦ و ٥٣٠.
(٢) التهذيب ج ٤ ص ١٨٨ الرقم ٥٢٨ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ٢٣٢.