وفيه نظر فإنّ ما ذكروه غير دالّ على الحصر في الأربعة المذكورة حتّى يحتاج إلى أن تحمل الأخبار المطلقة عليه. إذ الإمام العدل فيها غير معلوم كون المراد به الإمام المعصوم بل الظاهر منه ما كان يصلح لإمامة الصلاة.
ولو قيل : إنّ العدالة المطلقة عصمة.
لقلنا : لا نسلّم ذلك لإطلاق العدل على إمام الجماعة ، وكون النقل خلاف الأصل ويؤيّد ما قلناه قلّة التخصيص في الآية فإنّه مطلوب لكونه خلاف الأصل فالتقليل فيه أولى وجريان الأخبار على وتيرة واحدة من غير تناف مع أنّا لو سلّمنا كون المراد بالإمام المعصوم لأمكن حمل ذلك على الأفضليّة ، وبه يحصل الجمع بين الأخبار أيضا فتأمّل.
واعلم أنّ أصحابنا أجمع على اشتراط الاعتكاف بالصوم وعدم صحّته بدونه ، وقد تظافرت به أخبارنا عن الأئمّة عليهمالسلام ووافقنا على ذلك أبو حنيفة وجماعة من العامّة ، وجوّز الشافعي أن يعتكف بغير صوم محتجّا عليه بما رواه ابن عمر عن عمر أنّه قال : يا رسول الله إنّي نذرت في الجاهلية (١) أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : أوف بنذرك ، ولو كان الصوم شرطا لم يصحّ اعتكاف الليل ، ولأنّه عبادة يصحّ في الليل فلم يشترط له الصوم كالصلاة ، وفيه نظر فإنّ الليلة قد تطلق مع إرادة النهار معها كما يقال : أقمنا في موضع كذا ليلتين أو ثلاثا ، والمراد الليل والنهار فلم لا يجوز أن يكون
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الصوم ج ٥ ص ١٧٩ فتح الباري وفي كتاب النذير ج ١٤ ص ٣٩٣ والمغازي غزوة حنين ج ٩ ص ٩٦ بل أشار إليه أيضا في الخمس ج ٧ ص ٦١ ورواه مسلم ج ١١ ص ١٢٥ بشرح النووي ، وأبو داود ج ٢ ص ٤٤٨ الرقم ٢٤٧٤ وفيه اعتكف وصم والنسائي ج ٧ ص ٢١ وفي رواية يوما بدل ليلة فجمع ابن حبان وغيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة فمن أطلق ليلة أراد بيومها ، ومن أطلق يوما أراد بليلته ، وقد ورد الأمر بالصوم في رواية أبي داود كما قد عرفت إلا أنهم قالوا في طريقه عبد الله بن بديل ، وهو ضيف وقال باشتراط الصوم ابن عمر وابن عباس وعائشة ، ومالك والأوزاعي والحنفية ، واختلف عن أحمد وإسحاق.