في كلام أحد الناس فكيف القرآن العزيز الّذي هو قرآن عربيّ غير ذي عوج ، وذلك لأنّ الجملة المأمور فيها بالغسل قد انقضت وتمّ حكمها ظاهرا بالأمر بالمسح في الجملة الثانية ولا يجوز بعد انقطاع حكم الجملة الاولى أن يعطف عليها ، وهل ذلك إلّا مثل
__________________
ـ ولم يرتض اعتذار الأعلم ، وكذا اعترض عليه في جامع الشواهد عند شرح البيت ، ويلوح من تذييل محمد محيي الدين عبد الحميد على كتاب الانصاف تقويته جانب المتجاملين ، وحمى جانب سيبويه ابن الأنباري انظر ص ٣٣٣ من كتابه الانصاف ، وكذا الزمخشري نقله البغدادي ، واعتذر الأعلم عند شرحه البيت في ص ٣٤ ج ١ الكتاب بجواز كون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه القصيدة المعروفة أو كون الاحتجاج بقول المنشد لا بقول الشاعر.
أقول : والذي يقوى عندي أن سيبويه غير متهم في نقله عن العرب ، وليس مثل بعض من النحاة يصنع الشعر شاهدا على مدعاه لا يعرف قائله ولا شطره الأخر كاستشهادهم على دخول اللام في خبر لكن بقول الشاعر : ولكنني من حبها لعميد ، وأن البيت (ولا الحديدا) وإن كان لعقبة بن هبيرة في قصيدة مجرورة القوافي إلا أنه ضمنها غيره في قصيدة منصوبة سواء كان المضمن عبد الله بن همام السلولي كما اختاره الميمنى في تذييله على سمط اللئالى ، وقواه سماحة الحجة الخراسان في تذييله للتهذيب ، وقال : إنه قال ليزيد ، وصار ذلك سببا لأخذ يزيد البيعة لابنه أو عبد الله بن الزبير بفتح الزاي من أسد بن خزيمة كما قاله البغدادي أو عمر بن أبي ربيعة كما ذكره المرزوقي في كتابه الأزمنة والأمكنة ط حيدرآباد ج ٢ ص ٣١٧ أو عقبة بن الحارث كما ذكره في جامع الشواهد ، وفي حاشية الدسوقى على المغني ج ٢ ص ١٢٣ فنصب الحديد وقفا للقوافى وعطفا على محل الجبال ، ولا يجوز أن ينشد بعض القصيدة منصوبا وبعضها مجرورا على طريق الاقواء لان الاقواء يكون في الغالب بين المرفوع والمجرور لما بينهما من المناسبة ، وستسمعه من ابن جنى ، وللتضمين باب واسع في علم الأدب انظر خاتمة الفن الثالث من تلخيص المفتاح ، وشروحه وسائر الكتب الأدبية ، وصرحوا بأن تضمين البيت مع عدم النسبة إلى قائله مقبول إذا كان معروفا.
وكفاك بذلك أنه استشهد بالبيت لحكم العطف على المحل جهابذة لا يرتاب أحد في تضلعهم في الأدب فقد استشهد به علم الهدى في الانتصار المطبوع مع الجوامع الفقهية ، وشيخ الطائفة في التهذيب ج ١ ص ٧١ ط النجف والتبيان ج ١ ص ٥١٤ ط إيران ومجمع البيان ج ٢ ص ١٦٥ ، وأبو الفتوح الرازي ج ٤ ص ١٣٠ والفاضل المقداد في كنز العرفان ج ١ ص ١٢ ـ