قول القائل : ضربت زيدا وعمروا ، وأكرمت خالدا وبكرا (١) بجعل بكر معطوفا على زيد لقصد الإعلام بأنّه مضروب لا مكرم ، ولا يخفى أنّ ذلك في غاية الاستهجان عند أهل اللسان تنفّر عنه طبائعهم وتشمئزّ عنه إسماعهم فكيف يجنح إليه أو يحمل القرآن المجيد عليه ، وأضعف من ذلك حكم بعضهم بإضمار عامل ناصب للأرجل سوى الفعلين المذكورين في الآية فإنّ التقدير خلاف الأصل ضعيف في الكلام ، ولو جاز في كتاب الله على ضعفه وبعده في سائر الكلام فإنّما هو إذا استحال حمله على ظاهره وانسدّ الطريق إلّا إليه وانتفت المندوحة عنه ، وقد عرفت الغنا عن ذلك. ثمّ تأييده بالسنّة الشائعة وعمل الصحابة أبعد من ذلك. فإنّ من الصحابة عبد الله بن عباس (٢) و
__________________
ـ والبياضي في صراط المستقيم ج ٣ ص ٢٦٤ وابن رشد في بداية المجتهد ج ١ ص ١٥ والجصاص في أحكام القرآن ج ٢ ص ٤٢٢ وابن هشام في المغني الباب الرابع ص ١٢٣ ج ٢ بحاشية الدسوقى والمحقق الرضي الأسترابادي في شرح الكافية في توابع المنادي ، وشرحه البغدادي في الشاهد الرابع والعشرين بعد المائة ج ٢ ص ٨١ من الطبعة الأخيرة.
(١) في هامش بعض النسخ المخطوطة منه ـ قدسسره ـ : قال صاحب الفتوحات المكية : وأما القراءة في قوله تعالى (وَأَرْجُلَكُمْ) بفتح اللام وكسرها من أجل العطف على الممسوح فالخفض أو على المغسول فالفتح فمذهبنا أن الفتح لا يخرجه عن الممسوح فان من الواو قد يكون واو مع ، وواو المعية ينصب تقول قام زيد وعمرا تريد مع عمر. فحجة من يقول بالمسح في هذه الآية أقوى لأنه يشارك القائل بالغسل في الدلالة التي اعتبروها مع فتح اللام ، ولم يشاركه من يقول بالغسل في خفض اللام. انتهى منه.
(٢) قد استفاض من طريق الفريقين قول ابن عباس : الوضوء غسلتان ومسحتان. أو بلفظ افترض الله غسلتين ومسحتين أو ما أجد في كتاب الله إلا غسلتين ومسحتين ، وأكثروا الرواية عنه أبى الناس الا الغسل ، ولا أجد في كتاب الله إلا المسح والاستدلال بآية التيمم جعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتان فمن طريق الإمامية انظر جامع أحاديث الشيعة من ص ١١٣ إلى ١١٥ ، وسائر كتب الأحاديث والفقه والتفسير ومن طريق أهل السنة انظر كنز العمال ج ٩ ص ٢٥٦ الطبعة الأخيرة الرقم ٢٢٠٣ والرقم ٢٢٠٥ والدر المنثور ج ٢ ص ٢٦٢ وفتح القدير ج ٢ ص ١٦ وابن كثير ج ٢ ص ٢٥ والخازن ج ١ ص ٤٤١ والقرطبي ـ