النفض لإرادة تقليل ما يوجب تشويه الوجه من الأجزاء الترابيّة اللاصقة بالكفّين فإنّ الظاهر أنّ تلك الأجزاء الصغيرة الغباريّة لا تتخلّص بأجمعها من اليدين بمجرّد النفض وأين الدلالة على استحباب المبالغة في النفض حتّى لا يبقى شيء من تلك الأجزاء لاصقا بشيء من اليدين.
واعلم أنّ أكثر العلماء أوجبوا النيّة في التيمّم بظاهر قوله : فتيمّموا : أى اقصدوا فإنّ الظاهر من القصد هو النيّة وقال زفر : لا تجب النيّة في التيمّم وهو بعيد. ثمّ إنّ ظاهر الآية قد يشعر بأنّ أوّل أفعال التيمّم مسح الوجه لعطفه بالفاء المتعقّب لقصد الصعيد من دون توسّط الضرب على الأرض فتأيّد به ما ذهب إليه العلّامة في النهاية من جواز مقارنة نيّة التيمّم لمسح الوجه على أنّ الضرب على الأرض بمثابة اغتراف الماء في الوضوء ، والمشهور بين الأصحاب أنّ الضرب على الأرض أوّل أفعاله حملا لقصد الصعيد عليه ، ولا يبعد استفادة ذلك بمعونة الأخبار المبيّنة للتيمّم ، وحيث بيّنا سابقا أنّ ـ الباء ـ للتبعيض كان مقتضى الآية وجوب مسح بعض الوجه ، وبعض اليدين ، والخروج عن العهدة بذلك لا الجميع كما قاله البيضاوي مع حكمه في الوضوء بمسح البعض لدلالة ـ الباء ـ عليه ، وعلى هذا أكثر أصحابنا ، وفي الأخبار دلالة على ذلك أيضا (١) ، وذهب على ابن بابويه إلى وجوب استيعاب الوجه واليدين إلى المرفقين نظرا إلى ظاهر بعض الأخبار ، وخيّر المحقّق بين الأمرين لورود الروايات بكلّ من الوجهين.
والتحقيق أنّ اختلاف الأخبار يوجب سقوطها والرجوع إلى ظاهر الآية والعمل بما يطابقها.
وقد يستفاد من الآية الاكتفاء بالضربة الواحدة على الأرض لمسح الوجه واليدين سواء كان ذلك التيمّم بدلا عن الوضوء أو الغسل ، ويؤيّد ذلك بعض الأخبار المعتبرة الإسناد.
__________________
(١) انظر جامع أحاديث الشيعة ص ٢٢٢ إلى ٢٢٤ والوسائل الباب ١١ من أبواب التيمم وسائر أبوابه أيضا.