ومن أوجب الضربتين فإنّما استفاده من خارج الآية كالأخبار الدالّة عليه ، ولا يبعد القول بالتخيير جمعا بين الأدلّة وتمام ما يتعلّق بذلك يعلم من الفروع ، وقد استدلّ بعضهم بقوله (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) على وجوب طلب الماء غلوة سهم (١) في الحزنة ، وغلوتين في السهلة كما دلّ عليه الخبر (٢) والدلالة بعيدة ، والخبر الّذي دلّ على ذلك ضعيف (٣) نعم يجب الطلب ليحصل له العلم بعدم الماء في رحله أو حواليه كما قد يظهر من الأخبار الصحيحة أيضا يعلم ذلك من راجعها هذا ، وفي إيجاب التيمّم مع عدم وجدان الماء على الإطلاق دلالة واضحة على عدم جواز الوضوء بالمضاف مطلقا وربّما جوّزه بعض أصحابنا (٤) وأبو حنيفة وأصحابه جوّزوا الوضوء بنبيذ التمر في السفر
__________________
(١) في اللسان الغلوة قدر رمية بسهم ، ونقل في كشف اللثام معاني أخر لها عن أهل اللغة فراجع ولعلها لبيان المصداق.
(٢) إشارة إلى الخبر المروي في التهذيب ج ١ ص ٢٠٢ الرقم ٥٨٦ والاستبصار ج ١ ص ١٦٥ الرقم ٥٧١ وهو في الوسائل الباب ١ من أبواب التيمم الحديث الثاني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن على قال : يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة ، وإن كانت سهولة فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك.
(٣) فان في سنده إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني. والسكوني هو إسماعيل بن أبى زياد ، وإن تكلم فيه علماء الرجال إلا أن كتب أصحابنا مشحونة بالفتاوى المستندة إلى روايته فهو ممن لا بأس بحديثه قطعا ، والنوفلي الراوي عن السكوني هو الحسين بن يزيد لا غير وإنا وإن كنا لا نعتمد على القميين في رميهم بالغلو إلا أنا لم نر أيضا من مدح الحسين بن يزيد فيعد إذا في المجهولين لكن الذي يسهل الخطب أن الأصحاب عملوا بمضمون الحديث مستندا إليه فهو جابر لضعفه قطعا.
واختلفوا في معنى الحديث والذي يقوى عندي أن مفاده وجوب الطلب في دائرة مركزه الموقف ونصف قطرها غلوة سهم أو سهمين ، وقيل : غير ذلك ، والله أعلم.
(٤) نسب إلى ابن أبى عقيل جواز الوضوء بل مطلق الطهارة بمطلق المضاف عند الضرورة وعدم وجود الماء ، وأجاز ابن بابويه الوضوء والغسل بماء الورد كما ترى في عبارته ص ٦ ج ١ ط النجف باب المياه وطهرها ، وأصرح منه ما في أماليه ص ٣٨٣ ط ١٣٠٠ المجلس الثالث ـ