ولا يردّ أنّهما ضعيفان لا يوجبان الخروج عن مقتضى الأصل لأنّ الاعتماد في ذلك على ظاهر الآية ، وهذه كالمؤيّدة لها. فتأمّل.
أمّا تحريم مسّه على الجنب فقد قال العلّامة في المنتهى : إنّه مذهب علماء الإسلام وحينئذ فلا مجال للتوقّف فيه ، وقد يستدلّ على تحريم خطّ المصحف للمحدث بالحدث الأصغر بصحيحة علىّ بن جعفر أنّه سأل أخاه موسى عليهالسلام (١) عن الرجل أيحلّ له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال : لا حيث دلّت على تحريم كتابة القرآن للمحدث ، وهو يستلزم تحريم المسّ بطريق أولى. فتأمّل.
الخامسة : (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (٢) (فِيهِ) أى في مسجد قبا.
(رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) من المعاصي والخصال الذميمة أو من النجاسات.
(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) يرضى عنهم ويدنيهم من جنابه إدناء المحبّ حبيبه. قيل : إنّ سبب النزول أنّهم كانوا يتطهّرون بالماء عن الغائط والبول ، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهمالسلام كذا في مجمع البيان (٣) وهو أيضا في رواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال لهم : ما ذا تفعلون (٤) في طهركم فإنّ الله قد أحسن الثناء عليكم قالوا : نغسل أثر الغائط ، فقال : أنزل الله فيكم (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وقيل : إنّه صلىاللهعليهوآله لمّا سألهم وقال : يا معشر الأنصار إنّ الله (٥) ـ عزوجل ـ قد أثنى عليكم فما ذا الّذي
__________________
(١) انظر الوسائل الباب ١٢ من أبواب الوضوء الحديث ٤.
(٢) التوبة ١٠٨.
(٣) انظر ج ٣ ص ٧٣ ط صيدا.
(٤) انظر مجمع البيان ج ٣ ص ٧٣ وقريب منه في تفسير الطبري ج ١١ ص ٢٩ والخازن ج ٢ ص ٢٦٣ وروى قريبا منه في الوسائل الباب ٣٤ من أبواب الخلوة الحديث الأول ، واللفظ نستنجي بالماء بدل نغسل أثر الغائط.
(٥) انظر التفسير النيشابوري ط إيران ج ٢ ص ٢٧٣ والكشاف ج ٣ ص ٥٨.