الصوم.
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ الحديث دليل على بطلان القياس ، لأنّ عمر ظنَّ أنّ القُبلة تُبطل الصوم قياساً على الجماع ، فردَّ عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بأنّ الأشياء المماثلة والمتقاربة لا تستوي أحكامها.
وثانياً : أنّ القياس عبارة عن استفادة حكم الفرع من حكم الأصل ، بحيث يستمد الفرع حكمه من الأصل ، وليس المقام كذلك ، بل كلاهما في مستوى واحد كغصني شجرة ، أو كجدولي نهر.
وإن شئت قلت : إنّ المبطل هو الشرب لا مقدّمته (المضمضة) ، كما أنّ المبطل هو الجماع لا مقدّمته ، فبما أنّ المخاطب كان واقفاً على ذلك الحكم في الشرب ، دون الجماع ، أرشده النبي إلى تشبيه القُبلَة بالمضمضة إقناعاً للمخاطَب ، لا استنباطاً للحكم من الأصل.
وكم فرق بين كون المتكلّم في مقام استنباط حكم الفرع من الأصل ، وكونه في مقام إرشاد المخاطب إلى حكم الله وإقناعه بالمثال ، وهذا المورد وما تقدّم من الموردين من قبيل الثاني دون الأوّل.
ب : الدليل العقلي
ويقرّر بوجهين :
أ. انّه سبحانه ما شرّع حكماً إلّا لمصلحة ، وأنّ مصالح العباد هي الغاية المقصودة من تشريع الأحكام ، فإذا ساوت الواقعةُ المسكوت عنها ، الواقعةَ المنصوص عليها في علّة الحكم التي هي مظنّة المصلحة ، قضت الحكمة والعدالة أن تساويها في الحكم ، تحقيقاً للمصلحة التي هي مقصود الشارع من التشريع ، ولا يتفق وعدلَ الله وحكمتَه أن يحرّم الخمر لإسكارها محافظة على عقول عباده ،