غير المنطقي أن تسأل المتكلم عن ألفاظه. كما قلنا في المقدمات.
الوجه الثاني : أنها تدل على الترغيب والترهيب من ناحية العلم المشار إليه بالآية : (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ). فهو يرغب الإنسان في تحصيل هذا العلم ، ويرهب الناس منه ، حيث يذهب الذهن فيه كل مذهب. وهذا لا يكون في حروف الشرط الأخرى : إن وإذا.
ويمكن القول : إن لو وإن صرفت عن كونها امتناعية ، لكنها يمكن أن تطعم بمعناها الأصلي الامتناعي ، من زاوية قبولها للجواب من جهة ، ومن ناحية دلالتها على الترغيب والترهيب من جهة أخرى.
بل إذا تقدمنا خطوة أخرى ، أمكننا القول : بأن هذا التضمين الامتناعي للو ، يعطينا هذه الفكرة الخيالية للإنسان : كأن شيئا ممتنعا هو في طريق الوجود. فهو مهم لدرجة اجتماع النقيضين في يوم ما. فهي تقع في الخيال كفكرة رهيبة وعظيمة ، باعتبار هذا التضمين الامتناعي. وهذه الرهبة تشارك في الترغيب والترهيب المشار إليه.
وقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ... للتهديد ، لأن المخاطب به أهل الجهل والغفلة ، بدليل : سوف تعلمون. يعني أنتم الآن غير عالمين. وهو يدل على حصول العلم للجميع. إلّا أن متعلق العلم مجهول. ينال كل واحد منه حسب استحقاقه وترتفع الغفلة بالموت. وقد حذفه المتكلم جلّ شأنه عمدا ليذهب به الذهن كل مذهب. وليذهب به الخيال كل مذهب.
و «سوف» تجعل المضارع نصا بالمستقبل. وإنما كان الأمر استقباليا باعتبار توقع حصول أسبابه. وهي تختلف ما بين الناس.
سؤال : ما هو متعلق اليقين؟
جوابه : إن فيه عدة أطروحات. نذكر منها :
الأطروحة الأولى : اليقين بوجود جهنم. فيكون المعنى : كلا لو تعلمون بجهنم علم اليقين لترون الجحيم.