إلّا أن هذا قابل للمناقشة ، لأن القضية ستكون عندئذ بمنزلة القضية بشرط المحمول أو قضية تكرارية. يعني : إذا رأيتم جهنم فقد رأيتم جهنم. ولا يكاد يكون لها محصل.
الأطروحة الثانية : ما يقوله أهل المقامات من أن المراد : اليقين بالله سبحانه الملازم مع انفتاح البصيرة القلبية. فتحصل بذلك الرؤية لكثير من الأشياء كجهنم والجنة وغيرها.
سؤال : إن العلم واليقين بمعنى واحد. فما هو وجه الحاجة إلى هذه الإضافة في قوله تعالى : علم اليقين؟
جوابه : فيه عدة وجوه :
الوجه الأول : إن العلم يختلف عن اليقين. فإن العلم أعم من العقلي والعرفي. واليقين هو العلم الدقّي أو العقلي. فيكون من إضافة الخاص إلى العام ، أو تقييده به كما نقول : الإنسان العراقي.
الوجه الثاني : إنهما بمعنى واحد ، ولكن مع ذلك يكون تقييد أحدهما بالآخر مفيدا لنتيجة لم تكن قبل ذلك. ولو باعتبار التعمق في العلم أو أهميته فكان مقتضى الحكمة الحصول على هذه النتيجة. فهذا التقييد له فائدة ، أعلى من كلا الأمرين منفردا.
الوجه الثالث : إن المراد هو اصطلاح علم اليقين ، لأنهم قالوا : يحصل أولا : علم اليقين ثم تحصل درجة : عين اليقين.
فإن قلت : إننا لم نسمع اصطلاحا موجودا في القرآن الكريم. وإنما هو دائما عرفي وعقلاني.
قلت : جوابه من أكثر من وجه :
أولا : إنه قد يكون من الفهم الباطني للقرآن الكريم.
ثانيا : إن القرآن هنا أراد أن يجعل باستعماله اصطلاحا جديدا. فهو جعل ابتدائي لاصطلاح جديد ، يعبر عن درجة من درجات العلم.