الوجه الثالث : أن نقول : إن أمر : اقترب : ليس تشريعيا كما يفهم المشهور ، بل هو أمر تكويني لاقتراب تكويني ، كما في قوله تعالى : (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ). ويكون الضمير فيه مفعولا في المعنى ، وإن كان فاعلا في اللفظ. كما لو قيل بالأمر التكويني : تمرض ، أو اشف.
فإن قيل : إن اسجد ، أمر تشريعي لا محالة. فإذا كان اقترب أمرا تكوينيا. كان هذا خلاف وحدة السياق بينهما.
قلنا : إن وحدة السياق قرينة ظنية يؤخذ بها عند الشك في المضمون. وأما في هذه الآية ، فالمفروض قيام القرائن القطعية على خلافها ، فلا تكون حجة.
سؤال : لما ذا أمر بالسجود ، ولم يأمر بالصلاة ، لأنه قد نهى عن الصلاة بعنوانها ، لا عن السجود؟
جوابه : من أكثر من وجه :
الوجه الأول : إن السجود هو الجزء الأهم من الصلاة ، أو الأغلب منها. وأقرب ما يكون العبد إلى ربه حال السجود ، كما ورد عن الأئمة الأطهار عليهمالسلام (١). فحين ينهى هذا الضال المضل عن الصلاة إنما ينهى عن السجود. أو إن الجزء الأهم أو الرئيسي من نهيه هو ذلك. إذن ، فالنهي حاصل عن السجود ، والأمر أيضا متعلق بالسجود.
الوجه الثاني : إن المقصود والأساسي ، في قوله : واسجد واقترب هو الصلاة. لأنهما الجزءان الرئيسان فيها. فيكون المنهي عنه هو الصلاة والمأثور به هو الصلاة أيضا.
الوجه الثالث : ما ذكره في الميزان قال (٢) : ولعل الصلاة التي كان النبي صلىاللهعليهوآله يأتي بها يومئذ كانت تسبيحه تعالى والسجود له.
أقول : هذا مبني على نزول السورة في أول الإسلام دفعة واحدة قبل
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ج ١ ، ص ٦٨ ، وعيون أخبار الرضا ، ص ١٨٢.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٢٧.