مال غيره» كان من المسائل الواضحة عند جميع الناس ، ولذا لم يقع السؤال عن أصل المسألة ، بل عن مصاديقها المشكوكة ، وقد عرفت ان غير واحد منها يدل على العموم بمقتضى التعليلات الواردة فيها ، وما لا يدل على العموم يمكن إلغاء الخصوصية عنه ، بعد ما عرفت من وروده في أبواب كثيرة غاية الكثرة ، حيث لا يحتمل احد اختصاص الأحكام الواردة فيها بمواردها ، ولعمري ان المسألة من الوضوح بمكان لا يرتاب فيها احد.
٣ ـ بناء العقلاء
هذه القاعدة كما ذكرنا قاعدة عقلائية مضافا الى كونها شرعية كما في كثير من القواعد الفقهية بل جلها أو كلها ، ولا يزال العقلاء وأهل العرف يستندون إليها في أمورهم ، ويرون من أتلف مال الغير بدون حق ضامنا لما أتلفه من اي جنس ومن اي نوع من المنافع ولا ينكر ذلك احد على احد بل يعدون كبرى القاعدة من المسلمات التي لا كلام لهم فيها ويلتمسون صغراها ومصاديقها ، فلو تمت الصغرى عندهم وثبت موضوع الإتلاف بالنسبة إلى عين أو منفعة ، كان الضمان مفروغا عنه عندهم.
ولا فرق في ذلك بين أرباب المذاهب وغيرهم ، وكثيرا ما يوسعون دائرتها أكثر مما ورد في الشرع فيحكمون بضمان منافع الحر عند إتلافها ويقولون بوجوب التدارك المالي عند هتك الاعراض وشبهها ، وبالجملة كون القاعدة عندهم من المسلمات مما لا ينبغي الشك فيه ، وحيث لم يردع عنها الشارع بل أمضاها في كثير من كلماته فهي ثابتة في الشرع أيضا ، ولعمري ان هذا من أقوى الأدلة على المسألة نعم لها استثنائات عندهم كما هو كذلك في الشرع ولكن هذا قادحا في عمومها فيما لم يثبت الاستثناء بدليل.
وان شئت اختبر حالهم في اصطدام السيارات فإنهم يرون السبب الأصلي