ومن هنا يظهر ان «إجماع الفقهاء على ذلك قديما وحديثا» لا يكشف عن تعبد خاص في المسألة ، وصل إليهم ولم يصل إلينا ، بل هو اما مستند الى ما عرفت من روايات الباب ، العامة والخاصة ، أو الى بناء العقلاء الذي أمضاه الشرع ، فإنه لم يزل بمرءاه ومنظره ، بل قد عرفت ان هذا البناء منهم كان قبل ورود الشرع أيضا.
«بقي هنا أمور»
الأول : الفرق بين قاعدة «السبق» ، و «الحيازة» و «الاحياء»
قد يختلط الأمر بين قاعدة السبق ، وقاعدتي الحيازة والاحياء على بعض ، مع ان مواردها مختلفة لا ربط لواحد منها بالآخر فنقول :
اما قاعدة الحيازة تختص بالمباحات ، وتوجب ملكها بمجرد الحيازة مع قصده ، ولا يحتاج الى الاحياء والتحجير وغيرها ، وان كان قد تطلق الحيازة على الأعم مما يشمل قاعدة الإحياء أيضا كما عرفت سابقا.
واما الاحياء فهو أيضا يوجب الملك لكن لا بمجرد القصد ، بل بعد الاحياء وتختص بالأرض وما أشبهها.
واما قاعدة السبق فهي لا توجب الملك ، بل مفادها هو الأولوية ، وموردها أعم من المباحات الأصلية أو المنافع العامة كالمدارس والخانات والمساجد والشوارع وغيرها.
فتحصل من جميع ذلك ان قاعدتي الحيازة والاحياء لا تغنيان عن قاعدة السبق شيئا لأن مفادها متباينة ، وبين مواردها ومصاديقها العموم والخصوص من وجه أو المطلق.
ففي مثل المساجد والشوارع والقناطر لا تجري قاعدتا الحيازة والاحياء ، ولكن