ولكن الجرأة على هذا الحكم مع إطلاق الروايات والفتاوى ، وعدم تعرض احد من الأصحاب فيما رأينا للتفصيل مشكل جدا وان كان الحكم بالإطلاق أيضا لا يخلو عن اشكال ، والمسألة تحتاج الى مزيد تأمل وتحقيق والله الهادي إلى سواء الطريق.
الثالث : لا فرق بين ضمان العين والمنافع سواء كان مستوفاة أو غير مستوفاة.
أما المنافع المستوفاة فالمعروف بينهم ضمانها ولا ينبغي الشك فيها ، فلو غصب دارا وسكنها فعليه اجرة مثل منافعه التي استوفاها أو غصب دابة فركبها.
ويدل على ذلك جميع ما يدل على ضمان نفس العين ، بل المنافع داخلة في قوله «على اليد ما أخذت» فإن الأخذ صادق بالنسبة إلى المنافع أيضا ولو بتبع أخذ العين ، كما ان التسليم للمنافع في باب الإجارة انما هو بتسليم العين المستأجرة ، وتوهم ان قوله «حتى تؤديه» لا يشملها باطل لأن أداء المنافع انما هو بأداء العين.
وكذلك قاعدة احترام مال المسلم شاملة لها لان المنافع المستوفاة أيضا من الأموال.
وهكذا لا فرق في السيرة العقلائية بين العين والمنفعة.
أضف الى ذلك كله وقوع التصريح به في بعض نصوص الباب كما في صحيحة أبي ولاد عن الصادق عليهالسلام فإنه ذكر في جواب ابي ولاد الحناط الذي اكترى بغلا ثمَّ جاوز به عن الشرط ، فذهب به من الكوفة إلى النيل ، ومن النيل الى بغداد ، ومن بغداد إلى الكوفة ، فقال : «ارى له عليك مثل كراء بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ومثل كراء بغل راكبا من النيل الى بغداد ، ومثل كراء بغل من بغداد إلى الكوفة ، توفيه إياه» (١).
ومثله ما ورد عنه عليهالسلام بطرق عديدة في نفس ذاك الباب (٢).
__________________
(١) الوسائل ج ١٣ أبواب أحكام الإجارة الباب ١٧ الحديث ١.
(٢) راجع كتاب الإجارة الباب ١٧ الحديث ٢ و ٤.