هذا كله إذا لم نقل بان منع المالك عن ترك الانتفاع بماله يكون دائما من قبيل الضرر ، فان كل مال معد للانتفاع وإذا منع منه كان ضررا فتأمّل.
٤ ـ نسبة قاعدة التسلط مع الواجبات المالية
يبقى الكلام في النسبة بين هذه القاعدة وما دل على وجوب الزكاة والخمس في أموال الناس وما دل على ان للميّت حق في ثلث ماله إذا اوصى به ، وكذا ما دل على حجر المفلّس بحكم الحاكم وغير ذلك من أشباهها.
لا ينبغي الشك في ورود بعض ما ذكر على قاعدة التسلط ، فان ما يدل على تشريك الله ورسوله وذوي الحقوق الأخر في أموال الناس ينفي ملكية المالك بالنسبة الى هذا المقدار ، وإذا انتفت الملكية انتفت السلطنة ، وقال الله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(١).
وقال (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)(٢) بناء على كونه ناظرا الى الحقوق الواجبة.
وكذا ما دل على ان الله عزوجل فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يسعهم ، ولو علم ان ذلك لا يسعهم لزادهم.» و «لو ان الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير» (٣).
فان ظاهره ان الزكاة ليست واجبا تكليفيا فقط ، بل هو حكم وضعي وحق للفقراء في أموال الأغنياء فقوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ...) وان كان ظاهرا في ان المال لهم ولكن كونهم مالكين انما هو بحسب الظاهر وقبل فرض الزكاة ، لا أقول
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) الذاريات : ١٩.
(٣) الوسائل أبواب الزكاة الباب ١ الحديث ٢.