وظاهر جماعة وصريح آخرين ان المالك يتخير في تضمين كل واحد من الأكل والغاصب ، ويستقر الضمان على الغاصب ، ونقل في الشرائع قولا بأنه يضمن الغاصب من أول الأمر من غير ان يشاركه الأكل ، لضعف المباشرة بالغرور فاختص السبب لقوته.
ثمَّ قال : لم نجد القول الثاني لأحد من أصحابنا بعد التتبع ، وانما هو قول الشافعي في القديم وبعض كتب الجديد ، قال انه ليس للمالك الرجوع على الأكل لأنه غره حيث قدم اليه الطعام وأوهمه ان لا تبعة فيه عليه ، والمشهور عند الشافعي الأول» (١).
وظاهر هذه العبارة اتفاق الكل على كون الغاصب والأكل كليهما ضامنين ، ولكن يستقر الضمان على الغاصب لغروره صاحبه ، وان القول بالرجوع الى الغاصب فقط دون المغرور ليس قولا لأصحابنا ، بل المشهور بين أهل الخلاف أيضا لعله القول بالرجوع الى اي واحد منهما شاء.
وسيأتي الكلام ان شاء الله في تنبيهات المسألة.
«بقي هنا أمور»
الأول في معنى الغرور :
قد عرفت ان ما هو المعروف بين الفقهاء وأهل العلم «ان المغرور يرجع الى من غره» وان لم يرد في متن حديث ، ولكن قد عرفت ان عنوان الغرور ورد بشكل آخر في بعض أحاديث الخاصة والعامة ، فقد روى الجمهور عن علي عليهالسلام
__________________
(١) مفتاح الكرامة ج ٦ ص ٢٣٠.