لما خالفه المعصومون المطهرون (عليهم آلاف الصلاة والتحية) فالأولى ترك هذه الاحتياطات إلا في موارد الاتهام الشديد ، وترجيح الأخذ بسيرة المسلمين وأئمة الطاهرين عليهمالسلام والحكم بطهارة الأشياء مما لم يعلم نجاستها.
واخرى يكون من جهة «الشبهة الحكمية» كما إذا تولد حيوان من طاهر ونجس ، ولم يصدق عليه شيء من عناوين الحيوانات الموجودة ، وشك في طهارته ونجاسته ، وكذا إذا شك في بعض اجزاء الحيوان كبول الطائر الذي لا يؤكل لحمه وغير ذلك مما ليس له حالة سابقة ، حتى يتمسك فيه بالاستصحاب ففيه قولان :
المحكى عن جملة من المتأخرين الحكم بالطهارة بمقتضى هذه القاعدة ، وعن المحدث الأمين الأسترآبادي في كتاب العوائد المدنية ، هو العدم ، حكاهما صاحب الحدائق في حدائقه (١).
وقد يقال بان القدر المتيقن من الاخبار السابقة ، وعمدتها موثقة عمار ، هو ما وقع الاتفاق عليه من الشبهات الموضوعية ، لأن المراد من هذا الخبر وأمثاله انما هو دفع الوساوس الشيطانية ، والشكوك النفسانية ، بالنسبة الى حالة الجهل بملاقاة النجاسة ، وبيان سعة الحنيفية ، السمحة السهلة ، بالنسبة إلى اشتباه بعض الافراد غير المحصورة ببعض ، فيحكم بطهارة الجميع حتى يعلم الفرد النجس بعينه ، واما اجراء ذلك في الجهل بالحكم الشرعي فلا يخلو من الاشكال ، المانع من الجرية على الحكم به في هذا المجال (٢).
ويمكن الاستدلال على ما ذكره من اختصاص الخبر بالشبهات الموضوعية هو تقييده بقوله «حتى تعلم» ، لان هذا التعبير انما هو في الأحكام الظاهرية المناسبة للشبهات الموضوعية ، واما الأحكام الواقعية فهي غير مغياة بالعلم والجهل.
__________________
(١) الحدائق ج ١ ص ١٣٥.
(٢) الحدائق ج ١ ص ١٣٥.