ففي كل هذه الموارد إذا علم بالحالة السابقة فلا شك في انه يؤخذ بها بمقتضى الاستصحاب ، وان لم يكن له حالة سابقة فيحكم بطهارتها بمقتضى هذه القاعدة ، أعني قاعدة الطهارة ، فيجوز استعمالها في كل ما يشترط فيه الطهارة.
هذا كله مما لا ريب فيه ولم ينقل خلاف فيها من أحد من الأصحاب.
نعم لا إشكال في رجحان الاحتياط في جميع هذه المقامات بالأدلة العامة الواردة في استحباب الاحتياط في أمور الدين.
هذا ولكن الاولى الاقتصار في الاحتياط فيها بما يكون الشبهة فيه قوية كشرب سؤر من لا يبالي في الدين ، أو يكون متهما جدا ، واما الاحتياط في كل ما يؤخذ من سوق المسلمين ، وأيدي أهل الدين ، بمجرد احتمال النجاسة ، الموجودة في جميع الأشياء ، فلم يثبت في الشرع رجحانه وان كان قد يتراءى العمل به من بعض أهل العلم والتقوى ، بل الظاهر انه مخالف للاحتياط ، لترتب مفاسد كثيرة عليها من إيذاء المؤمنين ، وإتلاف الوقت والمال ، وكونه مظنة للوسواس المرغوب عنها أو مثل ذلك.
بل الظاهر انه مخالف لسيرة النبي صلىاللهعليهوآله والأئمة المعصومين عليهمالسلام وأصحابهم لأنهم كانوا يزاولون الناس ، ويأكلون ويشربون معهم ، ويدخلون الحمامات ، ويشترون الألبسة والأطعمة من سوق المسلمين ، ويلبسونها ، أو يأكلون منها من غير غسلها ، مع ما كانت الأسواق والحمامات لا سيما في تلك الأزمنة مشكوكة من حيث الطهارة والنجاسة ، لدخول غير المسلمين فيها ، واعتقاد بعض فرق المسلمين بطهارة الميتة بالدباغة ، أو طهارة العصير العنبي المغلي ، أو حكمهم بطهارة النبيذ ، أو طهارة الأشياء النجسة بزوال عين النجاسة ، الى غير ذلك ، مما يستفاد من الاخبار وفتاواهم في أبواب مختلفة ، من أبواب الطهارات والنجاسات.
فلو كان الاحتياط امرا مرغوبا فيه في باب الطهارة والنجاسة بمجرد الاحتمال